متحررات متحجبات
Share
السؤال الذي طرح علي طوال عشرين عام كان “ليش ما تشلحي الحجاب!”
بالضرورة الإجابة لا تتعلق بالقناعة الإيمانية بالحجاب، وبالضرورة أنني استطعت رفضه لفترة، لكنني فشلت فيما بعد ذلك، ولست متفردة في رفضي للحجاب، ولست متفردة في ارتداء الحجاب عكس قناعتي الشخصية، لكن “ليش ما تشلحي الحجاب!!” كان يرافقه الكثير من الإجابات التي يتلقاها من هم في غير مكان على اعتبارها غير مقنعة كفاية، دون أن يوجهوا السؤال، ماذا ستخسر المرأة في مجتمعنا إن هي فعلتها وخلعت الحجاب؟
لأروي هذه الحادثة ولعلها تشرح ولو نزراً يسيراً مما يمنعني من خلع الحجاب، كنت أعمل في مصنع أدوية، في قسم التعبئة والتغليف، وكانت عاشوراء حاضرة، وقفت في مكان التدخين وأشعلت سيجارتي وشربت قهوتي كعادتي اليومية، وعندما دخلت إلى القسم سألتني إحدى العاملات: مش صايمة عاشورا؟؟ أجبتها بالنفي، لتصفني بالمرتدة الكافرة وليتم عقابي مقاطعة لمدة أسبوع، فقط لأنني لم أصم عاشورا النافلة.
حادثة أخرى، استدعيت للمخابرات بناء على تقرير يفيد بأنني تشيعت، وكانت إجابتي للمحققة: أنا ملحدة!
الغريب في رد المحققة: وأهلك ما ذبحوكي؟
الواقع الاجتماعي يدار باتجاه الإكثار من الاتهام والتضييق، ويركز على اعتبارك نقيصة يجب الحد منها، فإن كنت قد امتلكت القدرة الكافية لخلع الحجاب والتحدي، فالضرب وعدم الحماية القانونية حاضرات بقوة، فالضرب لرفض الحجاب، يشبه الهرب من البيت والحجز الإداري، كلاهما ينزعان عن المرأة لدينا القدرة على اتخاذ قرار بهذا الحجم على سخفه الشكلي، وبصراحة من موقعي كأحد أولئك النسوة اللواتي يرتدين الحجاب غصباً، حفاظي على ما أملك أهم من تقييم الآخرين لي بأنني شجاعة بما يكفي، وأنني مثار إعجاب حقيقي، لست أدعي أن أهلي قمعيين وفارضي أتاوة، فلدي مساحة ممتازة جداً أحيا من خلالها، ولكن أهلي ذاتهم لن يسلموا من المحيط اللصيق الذي يفرض الحجاب علي، وهذا اللصيق الذي لا يتعلق باللويبدة وجبل عمان والشميساني وشقيقاتهن، هو أقسى بكثير من أن يتم تجاوزه بالعند والسلام.
أنا لا أتحدث عن مي هديب بشكل شخصي، لكن ماذا ستخسر من هي في محيطي اللصيق إن خلعت الحجاب، أهم بكثير من ترندات الإعاشة المجانية، التي تنسى بسرعة، وتترك إحداهن لسوء عاقبة ما أقدمت عليه، فلتتقبلونا متحررات محجبات لفترة وجيزة، لنحيا بما يكفي دون اعتبارنا نماذج جبانة عن المرأة، ودون اعتبار أولوياتنا صفر طالما لم نخلع الحجاب.