لماذا ننتقد كلمة السيد نصرالله الأخيرة
Share
لأول مرّة لم أشعر بالإعتزاز والإعجاب بكلمة قائد المقاومة. إنتظرناه كالعادة مشتاقين لسماع تفسيره وشرحه ورأيه ليطفئ قلقنا وحيرتنا وغضبنا بخصوص إطلاق العميل عامر الفاخوري، فإذ به يزيدنا قلقا وحيرة وغضبا.
أولاً: إنه يقول: “سمعت من وسائل الإعلام بإخلاء سبيل الفاخوري”، لم نعلم بإنعقاد جلسة المحكمة التي أطلقت سبيله”، “لسنا طرفاً في صفقة أو نغض الطرف عنها أو نسكت عنها، لا وجود لصفقة”.
لا شك أن المعرفة بالجلسة أسهل بكثير من معرفة وجود صفقة سرية. فكيف لقائد المقاومة وسيدها أن يجزم أن لا صفقة سرّية، قد أبرِمت من وراء ظهره وظهر المقاومة في وقت يقول فيه إنه لم يعرف بإنعقاد جلسة للمحكمة في وقت معين ومكان معين حضرها اشخاص معينون رئيسهم محسوب عليه.
أن يقول السيّد أنه وحزب الله والمقاومة ليسوا طرفاً في صفقة ولم يغضوا الطرف عن صفقة ولم يسكتوا على صفقة، فهذا واضح وبدهي ولا احد من أصدقاء المقاومة يشك ولو للحظة أن السيد وحزب الله والمقاومة يمكن أن يكونوا طرفاً في صفقة مجحفة وجائرة لإطلاق عميل. علماً أن عقد الصفقات ليس عيباً، وهو قد تم سابقاً وقد يتم لاحقاً في إطار تبادل أسرى أو ما شابه. لكن أن يجزم السيد أنه “لا وجود لصفقة” يمكن أن يكون غيره قد انخرط فيها، فهذا بالضبط الموضوع الذي نستغربه. إن الذين يدفعون لعقد جلسة إطلاق العميل دون إعلام السيد بها، ثم يساعدون في تهريبه بالطريقة المعيبة التي تمت، يمكن لهم أن يعقدوا مئة صفقة دون إعلام السيد بها.
ثانياً: يضيف السيد نصرالله: “إحتراماً لمشاعر جمهور المقاومة لا بد من توضيح الأمور. نحترم كل ما تم تقديمه من أفكار واقتراحات” (7 أيار جديد، انسحاب من الحكومة، كمين لمنع وصول العميل) نحن لا نشتغل بمزاج وانفعالات… نعلن قبول النصح والإنتقاد بالعلن من الاصدقاء ولكننا نرفض التساهل مع التشكيك والشتيمة من الأصدقاء.”
لقد سرّنا اتساع صدر سيد المقاومة لإنتقاد المنتقدين من الاصدقاء، واحترامهم، وأفرحنا أنه لا يشتغل بمزاج وانفعالات وهذا ما نعرفه ونطمئن به. ولكننا لم نسمع من ولم نقرأ لأي من أصدقاء المقاومة، من رؤساء أحزاب أو سياسيين أو صحافيين أو معلقين، أو محامين، أو رجال دين، أي تشكيك بالمقاومة وأية شتيمة لها. كل ما سمعناه وقرأناه كان عبارات غضب مشروعة ومنتظرة بسبب إطلاق عميل تهريباً، وفي الحد الأقصى توجيه نوع من الانتقاد والعتب واللوم للمقاومة، وإحباط من عدم تدخلها لمنع هذا الاطلاق وهذا التهريب.
لذلك فإن أصدقاء المقاومة إذ يشكرون سماحة السيد لقبوله الانتقاد واحترام أصحابه واحترام شعور جمهور المقاومة، وتوضيحه أنه “لا علاقة للمقاومة في هذا الإطلاق”، فإنهم يستغربون ولا يفهمون لماذا يعتقد السيد أنهم في انتقادهم وغضبهم وعتبهم ولومهم كانوا يوجهون تشكيكاً بالمقاومة وشتيمة لها.
ثالثاً: ويقول السيد: “من يتعدّى هذين الحدّين أخرجوه من دائرة أهل البيت… نحن في حزب الله لا نقبل من حليف أو صديق أن يتّهم أو يشكك أو يشتم، وإلّا فليخرج من صداقتنا.”
كأننا سمعنا وقرأنا أن سيد المقاومة يحترم مشاعر جمهور المقاومة وأنه يقبل النصح والإنتقاد وأنه وحزب الله لا يشتغل بالمزاج والانفعالات، فإذا بالسيد يصدمنا وينفعل ويقول عمن نصح وانتقد: “أخرجوه من دائرة أهل البيت… فليخرج من صداقتنا”. لم يعودنا سيد المقاومة على هذا الموقف السلبي العنيف من اصدقاء المقاومة الصادقين في مقابل ما نراه من موقفه الايجابي المتساهل كثيراً مع “أصدقاء المقاومة” الكلاميين والطائفيين. وهذا هو بالظبط مكمن إحباطنا.
ولأننا حريصون على المقاومة، لأنها مقاومتنا، لأنها لنا، وهي أملنا الوحيد وطريقنا الوحيد في مواجهة العدو، فإننا نصرّ على إعلان إحباطنا من كلام ونصرّ على إنتقاداتنا ونبدي هتين الملاحظتين:
ملاحظة أولى
إن المقاومة لم تبدأ مع حزب الله بل قبله، وإن تقديرنا لحزب الله يأتى من كونه سار في طريق المقاومة التي شقها من سبقه. لذلك، إن من ينتقد حزب الله أو حتى ينتقد بعض مواقف السيد حسن نصرالله لا يكون منتقداً المقاومة ومشككاً بها أبداً. هناك فرق بين المقاومة من جهة وحزب الله وأمينه العام من جهة اخرى وهذا الفرق يجب أن يبقى واضحاً.
إن من بدأوا المقاومة واسسوها ليسوا بمستعدين أن يتخلوا عنها وعن ملكيتها، أقلّه ملكيتها المعنوية، ويصبحوا مجرّد اصدقاء لها فساعة تقبلهم وساعة ترفضهم وتخرجهم منها.
إن الإنتقاد الموجه لحزب الله وأمينه العام لم يبدأ بمسالة إطلاق العميل الفاخوري، ولم يقتصر عليه، بل بدأ مع سكوت حزب الله وأمينه العام على محاكمة البطل القومي حبيب الشرتوني والحكم عليه بالإعدام مع الحبيب البطل الثاني نبيل العلم لتخطيطهما وتنفيذهما عملية القضاء على رأس العمالة والعملاء. وتلك العملية هي التي أتاحت لحزب الله ومقاومته أن تنشأ وتتطور وتنتصر. ولولا هذين البطلين القوميين لكان المشهد برمته مختلفاً اختلافاً جذرياً. إن حزب الله ومقاومته مدينون لهذين البطلين القوميين ومقاومتهما، فكيف يسكتون عن إدانتهما؟!
نحن مع السيد حسن في أن التساهل بواحدة يقود لاحقاً الى التساهل بالثانية حين يقول: “نحن لا نقبل بما حصل لأنه أمر خطير ولأنه لاحقاً سيسمح للاميركي بممارسة الضغوط وتحقيق ما يريده.” لقد سمع السيد هذا الكلام منا ومن سوريين قوميين اجتماعيين كثر حين سكت عن إدانة الحبيبين. لقد حذّرنا، وحذّر سوانا من أن القبول بإدانة الأبطال سيفسح المجال لأمور أخرى، وها هي الأمور الأخرى تقع وتضع السيد نصرالله في موقع لا يحسد عليه ولا نريده له. إن إدانة الشرتوني والعلم كانت خطوة متقدمة للعدو بنى عليها – وعلى سكوت المقاومة يومها – جرأته لإطلاق سراح العميل فاخوري. وما سيأتي سيكون أعظم إن لم يتدارك حزب الله والسيد نصرالله تحديدا ما حصل ويضع حدا له.
ملاحظة ثانية
إن عدم تقبّل النقد ثم اعتباره تشكيكاً وشتيمة، و”اخرجوه من أهل البيت، وليخرج من صداقتنا” لهو أمر كبير جداً وخطير جداً يذكرنا بالدكتاتوريات الفظة التي اضطهدت المعارضات الداخلية وأرهبتها وخنقتها ونكلت بها بحجة أن تلك المعارضات تشكك بالدولة ورئيسها وتتآمر عليها و”تتقاطع” مع أعدائها الخارجيين.
نحن لا نرغب مطلقاً في رؤية حزب الله وأمينه العام مقلدين لمثل هذه الديكتاتوريات أو متشبهين بها.
سدني في 22-3-2020
يا رفيقي أوافقك الرأي بشكل عام لكن سؤالي هو هل تعلم من هي الجهة التي تهجم عليها السيد؟ انا اشك انه يقصد الذين انتقدوه وسمعناهم في وسائل الإعلام. انا استغربت ردة فعله أيضا ولكن معرفتي بشخصيته تجعلني اتساءل اذا كان هناك شيء لم أسمع به.
Regardless who attacked him and criticized his speache or his stand on this particular issue
Nobody over the criticism when mistake was taken place.
Giving Habib Alchartouni Excution order and releasing a traytor is the bisggest mistake ever you can make. Claiming that he doesn’t know about it it even worse than knowing and made a deal. Its really shame . and This should be a wake up call to choose our allies especially when they have religious IDIOLOGY.
بدوري ابارك هذه المداخلة الرائعة بصراحتها وقوتها المعنوية وعلى السيد حسن نصر الله ان لا يعتبر نفسه صاحب البيت الوحيد للمقاومة فنحن أهلها قبل السيد
ومن لا يبدي اعتراضا على محاكمة البطلين القوميين بامتياز العلم والشرتوني هو مشارك لحملة الجميل ركن العمالة لإسرائيل
بوصلتنا المطلقة هي قتال الدولة العبرية دون تدوير أي زاوية او زوايا
إيليا سليمان باز
من المانيا
R.Ghadar,
Your criticism and stand is little a bit soft and you should point out the crime against the resistant movement when they declared Habib Al Chartouni a criminal
الرفيق شحادة العزيز، السيد لم يكن ليقصد أنت أو من هم مثلك في الأحزاب المقاومة. لقد كان يقصد أناساً معينين يتغطون بصداقة المقاومة لتمرير خبثهم تماماً كأبي سفيان الذي أعلن ولاءه اللساني للإسلام وفي قلبه يسكن ألف شيطان. أما من جهة عدم إدانة السيد للقضاء الذي حكم على الرفيقين العام والشرتوني فأنا لا أظن أبدا بأن السيد يرضى بإدانة الأبطال والمقاومين لأنه سيد المقاومة ولا يمكن لأحد أن يزايد عليه بهذا الشأن ولكن المقاومة وسيدها ليست مطلقة اليد واللسان في جميع الأوقات ولها حساباتها السياسية وتوازناتها الاستراتيجية التي تراعيها في علاقاتها مع الأصدقاء والخصوم ولذلك فلا يمكنها إتخاذ مواقف مبدئية حادة في بعض الظروف مع ألمها الحاد لانتهاك هذه المبدئية ممن توقع معهم تعاوناً كالتيار الوطني الحر. إن موقع السيد المحاط بالكثير من الافاعي المتربصة بتحركاته لا يحسد عليه وهو يجب أن يكون حكيماً جداً وخاصة في الداخل حيث يحرص أن لا يجر الى أية خصومات أو منازعات أو حروب داخلية تعود بالضرر على المقاومة. أنا أربأ بسعة فهمك ووعيك وحسك الوطني وأتمنى أن لا تفسر الأمور بالشكل الذي فسرته وأنا لا أؤيدك أبداً بما قلته لأن السيد لم يكن أبداً ليختصر المقاومة له أو لحزبه ولقد أهدى النصر للجميع وقدّم من الشهداء ما لم يقدمه غيره ولم يبخل بفلذة كبده. أما نحن فنستطيع أن نطلق مواقفاً مبدئية حادة دون خوف لأننا لسنا في موقع سياسي حساس يفرض علينا أن نزن كلماتنا بميزان الذهب حتى لا ننزلق الى ما يريده الأعداء لنا. السيد لا يريد الإطاحة بتعاونه مع التيار الوطني الحر نتيجة لإطلاق الفاخوري المرتبط بحسابات معينة للحكم الذي يرعاه ولكنه وجّه توبيخاً شديد اللهجة للصديق الذي يعمل دون أن يستشير صديقه ووجه إنذاراً فيه من الأخلاق الدمثة مما فيه بأن الطلاق يمكن أن يقع إذا وجد أن هناك طرف لا يراعي شريكه حق المراعاة. السيد ليس الهاً وقد يخطئ مثله مثل أي إنسان ولكن خطأه دائما يبنى على النية الطيبة الحسنة وهو دائماً مبرر لأننا نثق به ثقة عظيمة لا يشوبها أية شائبة لأننا اختبرنا صدقه وكرمه ونزاهته وأخلاقه وجهاده وإخلاصه وعدم تفريقه وحبه للجميع دون استثناء ودون تمييز ولذلك علينا أن لا نصوب عليه سهاماً انتقادية حادة مثل هذه لأن ذلك يصب دون إن نريد ذلك في مصب من يتمنى أن يطلق عليه الرصاص. السيد يا رفيق شحادة لا يرقى اليه الشك ولا التخاذل ولا التهاون في مقاومة الأعداء ولكنه رحيم بأبناء بلده ويغفر لهم زلاتهم مهما كان فيها من غلو وإسفاف لانه يعلم علم اليقين بأنهم لا يدرون ماذا يفعلون وإذا كان قد ناصرهم ليحكموا بما أنزل الله من حق وعدل فإنّه لن يناصرهم على ما اقترفوه من اجحاف في نصرة الحق في المستقبل القريب والصبر مفتاح الفرج والأمور بخواتمها والتسرع في الأحكام ليس حكيماً ونحن نعهد بك الحكمة أيها الرفيق العزيز فلا تأخذك العصبية مأخذًا لا يليق بشخصك الكريم من اتخاذ مواقع تصويب على السيد الطيب الرحيم بالمواطنين والشديد على الأعداء المغتصبين. دمت للحق والجهاد ولتحي سوريا وليحي سعادة ونصرالله .
الرفيق العزيز جعفر
في تعليقك على مقالتي مسائل أوافقك عليها، ومسائل وتفسيرات اتمنى أن تكون صحيحة. أريد فقط أن أناقشك في مسالة الثقة ومسالة “السهام الانتقادية الحادة”. إن الثقة يا رفيق جعفر هي مبدأ ذهبي من دونه ينهار كل ولاء وكل التزام وكل علاقة، كلانا يعرف ذلك، لكن الثقة المطلوبة هي الثقة المبصرة وليست الثقة العمياء. إن النقد والانتقاد لا يعني فقدان الثقة بل يعني وجودها مبصرة مدركة فاهمة واعية. أما عندما نفقد الثقة فلا نعود نلوذ بالنقد ولا بالانتقاد بل بالمهاجمة والمقاتلة. أنا لا اثق بالسيد حسن نصرالله نبياً معصوماً بل اثق به مقاوماً مخلصاً نزيهاً، أثق به إنساناً صادقاً ينطبق عليه الصح والخطأ. إن قائد المقاومة الاسلامية نفسه قد قال أنه يتقبل النقد والانتقاد، ومن يتقبل النقد والانتقاد يكون هو نفسه يعلن أنه بعيد عن العصمة. فلا سبب لنا للاعتبار أن النقد والانتقاد هو سهام مصوبة عليه تصب “مصب من يتمنى أن يطلق عليه الرصاص”؟ إن قائد المقاومة هو بحاجة الى ثقاة مبصرين وليس بحاجة الى ثقاة عمياناً، والثقة المبصرة هي سلاح معه بينما الثقة العمياء فهي عبء عليه.
دمت للحق والجهاد ولتحيى سورية وليحيى سعادة.