LOADING

Type to search

سياسات اردوغان و”الميثاق الوطني” التركي-ميلاد السبعلي

الوطن السوري سياسة

سياسات اردوغان و”الميثاق الوطني” التركي-ميلاد السبعلي

Avatar
Share

بعد الحرب العالمية الأولى واستسلام تركيا، انعقد البرلمان العثماني قبل حله، في 1920، واصدر خارطة لما يعتبره الحدود القومية لتركيا، سميت “الميثاق الوطني

” (Misak-l Milli)، كما هو مبين في الخريطة المرفقة، حيث اعتبر أن الحدود الجنوبية مع سورية والعراق يجب أن تضم سناجق الإسكندريون وحلب والجزيرة والموصل والسليمانية، أي أنها تنطلق من كسب شمالي اللاذقية، حتى جنوب كركوك إلى الحدود الإيرانية

 

 

.

غير أن معاهدة سيفر في 10 آب 1920 حددت الحدود التركية السورية في خط يبدأ من خليج الإسكندريون وكيليكيا، ويضم مدن جيحان وبهجة وعنتاب والبيرة وأورفة وماردين ونصيبين إلى الأراضي السورية تحت الانتداب الفرنسي، وما عرف بخط بروكسل بين تركيا والعراق تحت الانتداب البريطاني، وهي مشابهة للحدود الحالية بين تركيا والعراق مع بعض التعديلات الطفيفة. لكن الأتراك رفضوا الاعتراف بالاتفاقية وخاضوا حرباً للاستقلال، بحيث عادت عصبة الأمم وعدلت الحدود التركية السورية إلى جنوب خط حدود اتفاقية سيفر، في مؤتمر لوزان الذي نتجت عنه اتفاقية لوزان، التي وقعت في 24 تموز 1923، ونتجت عنها الحدود التركية السورية الحالية، باستثناء لواء الإسكندريون، الذي بقي مع سورية إلى أن قامت فرنسا بوهبه إلى تركيا في 1939، مقابل عدم دخول تركيا الحرب إلى جانب المانيا. وهذه الصفقة تشبه إلى حد كبير الاتفاق بين البريطانيين والحركة الصهيونية في 1917 الذي نتج عنه وعد بلفور مقابل إقناع الحركة الصهيونية للرئيس الأميركي وقتها ويلسون بدخول الحرب إلى جانب بريطانيا.

بعد اتفاقية لوزان، استمر الأتراك بالمطالبة بالموصل والسليمانية، وبقيت المفاوضات في عصبة الأمم، إلى حين توقيع اتفاقية انقره في 1926، التي قبلت فيها تركيا بالتنازل عن الموصل مقابل حصولها على 10% من عائدات نفط الموصل وكركوك لمدة 25 سنة. وقد استمرت تركيا تحصل على هذه النسبة حتى عام 1954، ثم انقطعت نهائياً بعد انقلاب 1958 في العراق. واستمرت الحكومات التركية المتعاقبة بتضمين موازناتها لهذه النسبة حتى عام 1974، عندما وقعت اتفاقاً مع الحكومة العراقية لتصدير النفط العراقي عبر أنابيب من العراق إلى مرفأ جيحان التركي، بأسعار مخفضة. ويقال إن أحد بنود اتفاقية انقره غير المعلنة كان ينص على أحقية تركيا باستعادة المناطق السورية والعراقية الواقعة جنوب حدود اتفاقية لوزان وضمن خريطة “الميثاق الوطني” في حال تفككت الدولتان العراقية والسورية، بناء على استفتاء سكان هذه المناطق.

وهناك عرف يتحجج به الرئيس التركي الحالي، أن معظم اتفاقيات عصبة الأمم، كانت مدة سريان مفعولها هو 100 عام، حتى لو لم يذكر ذلك في الاتفاقيات، كما هو حال اتفاقية لوزان التي لا تحدد مدة للاتفاقية. لكن اردوغان يراهن أن هذه الاتفاقية ستصبح باطلة في عام 2023، كما حصل عندما أعادت بريطانيا هونغ كونغ إلى الصين بعد نفذ مهلة المئة عام، وبالتالي يحق لتركيا عندها بالمطالبة باستفتاء سكان المناطق التي تعتبرها تركيا جزءاً من أرضها القومية، اذا كانوا يريدون الانضمام إلى تركيا مجدداً. وتشمل هذه المناطق حالياً محافظة ادلب، وريف حلب، التي تسيطر عليها تركيا مباشرة أو من خلال حلفائها من التنظيمات المسلحة، ومدينة حلب التي حررها الجيش السوري من سنتين، ومناطق الأكراد شرق وشمال الفرات، ومحافظات الموصل واربيل والسليمانية في الشمال العراقي. وكلنا يتذكر كيف حاول الجيش التركي الدخول إلى الأراضي العراقية أيام داعش بحجة الدفاع عن الموصل، كجزء من الأرض القومية التركية. ولذلك أيضا يستقتل اردوغان للدخول إلى مناطق سيطرة الأكراد شمالي سورية إبان الانسحاب الأميركي المزمع منها، اذا حصل. كما يحاول اردوغان باستمالة مسعود البرزاني وأكراد العراق لضم كردستان العراق إلى تركيا مع كل الإغراءات بتوسيع كردستان لتشمل أكراد شمال سورية وشرق الأناضول، ولكن من ضمن الدولة التركية.

كل هذا الحراك التركي هو تحضير للمرحلة القادمة بعد مرور مئة عام على اتفاقية لوزان، بحيث يستطيع أردوغان أن يطالب باستفتاء سكان هذه المناطق حول الانضمام إلى تركيا، ويستعيد ما يستطيع منها، وبحيث تكون السياسيات التركية من الآن حتى 2023، هي تحضير الأجواء الشعبية قدر الإمكان لتكون نتيجة هكذا استفتاء في حال حصوله، إيجابية لصالح الانضمام إلى تركيا.

لا بد من أن تأخذ الحكومتان العراقية والشامية هذه الحقائق بعين الاعتبار لإفشال مخططات اردوغان، وعدم السماح له باستمالة سكان هذه المناطق، في ظل ضعف الدولتين العراقية والشامية، والمراهنة على أصوات الثلاثة ملايين لاجئ شامي في تركيا، الذين سيبقيهم اردوغان بالتفاهم المقنع مع الغرب، رهائن حتى تتاح له فرصة التحرك.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

0 Comment

  1. Avatar
    Issa Hamati 11 فبراير، 2019

    شكراً لهذا المقال الهام و تسليط الضوء على الخطر التركي الذي لا يقل أهمية عن الخطر الصهيوني في الجنوب السوري. من المستحيل تهويد سوريو الجنوب و تحويلهم الى يهود ولا يتم ذلك إلاّ بعملية مسح عنصري قد يكون لها عواقب وخيمة على كيان العدو. و لكن من السهل تتريك سوريو الشمال ( ما عدا الأكراد ) لتناغم الدين مع الكره الذي يكنّه سوريو الشمال مع الحكومة المركزية في الشام و لأسباب طائفية بحتة ليس من الحكمة تجاهلها.
    نأمل أن يستفيض الرفيق السبعلي في التركيز على هذا الخطر الداهم و القادم من الشمال ، و ذلك بشرح اتفاقية أضنة الموقع سنة 99. و محاسنها و سيئاتها.

    رد

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.