LOADING

Type to search

سعيد تقي الدين، رفّ جناحُه لكنه لم يطر من الفكر النهضوي

أدب

سعيد تقي الدين، رفّ جناحُه لكنه لم يطر من الفكر النهضوي

Avatar
Share

بالرغم من التوقّف القسري لأنشطة المطارات في العالم قاطبة، نتيجة الإجراءات المترتبة عن جائحة كوفيد 19، فإن المقابلة التي أجريناها مع الكاتب جان دايه في عدد شهر أيار من الفينيق في الذكرى المائة والسادسة عشرة لمولد الأديب سعيد تقي الدين ولّدت حركة طيران وتطيير من نوع آخر، كان محرّكها تعليق وردنا من الأمين جورج يونان حول ما تطرق إليه دايه في رده على أحد الأسئلة، حيث ذكر أن “سعيد ليس فقط ظاهرة أدبية، بل حزبية. فنادرا ما تجد أديبا مبدعا قطع شوطا في العمر والنتاج والشهرة، ينتمي إلى حزب كما فعل سعيد وهو في السابعة والأربعين. في العادة، الأدباء الواعدون ينتمون إلى الأحزاب، حتى اذا ريَّشوا يطيرون. في الحزب القومي أمثلة كثيرة كأدونيس ومحمد الماغوط وخليل حاوي.”

وواضح من حكاية أوردها دايه في أحد أجوبته أن سعيداً، ورغم مواجهته شيئاً من “الجفاء” من داخل المؤسسة الحزبية، لم يتخذ من هذا الجفاء ذريعةً للابتعاد عن الفكر، بل بقي مؤمناً به حتى أيّامه الأخيرة. والدليل على ذلك تلبيته لطلب الأمين جورج بلدي (كولومبيا) بكتابة افتتاحية مجلة حزبية، وذلك قبل أشهر قليلة من وفاته.

وبما أن تعليق الأمين يونان ورد دايه فيهما المزيد من المعطيات والآراء حول مدى استمرار تشبث بعض الأدباء والشعراء بفكر سعاده خلال رحلاتهم الفكرية، مقابل تخلّي البعض الآخر عن ذلك الفكر لسبب أو لآخر، آثرنا أن نشارك القرّاء بالتعليق والرد.

تعليق الأمين جورج يونان

شُكراً للرفيق جان دايه على أبحاثِه في مُخلَّفات رفيقنا الراحل سعيد تقي الدين، وشكراً على الأجوبة التي أتحفنا بها في هذا الخصوص.

ما لفت انتباهي في المقابلة هو التعليق حول “طيران” الثلاثي الفكري: أدونيس، محمد الماغوط وخليل حاوي، وهو تعليقٌ كنت أسمعه من كثيرٍ من القوميين ولا أزال. وقد يكونُ صحيحاً وقد لا يكون. ولكن مع التجربة التي نعانيها الآن، أرى أنه آنَ الأوان لمراجعة ما حَصَلَ بين سعيد تقي الدين والقيادات السياسية.

لقد تطاولنا (ولا أقصد رفيقنا جان دايه) في السابقِ على النخبة الفكرية في حزبنا، التي لم تستوعبها بعض القيادات الحزبية، والسببُ هو هوسُ السلطة وخوفها على مراكزها من تلك النخبة. وقد يكونُ للحسد والغيرة فعلهما في كثيرٍ من الأحيان. وهنا لا بد من قراءة ما كتبه أدونيس في كتابه “ها أنت أيها الوقت” عن أنطون سعاده وأثره على حركة التحديث التي شملت كل المجالات، وكان القوميون أعمدتها، وهي الحركة التي بنت عصر بيروت الذهبي، وكانت عصراً ذهبياً عمَّ كلِّ الهلال الخصيب، ولا مجال هنا للتوسُّعِ في هذه الحركة. برأيي، هم لم يطيروا ولكن طُيُّروا. وشكراً.

الأمين جورج يونان

____

رد الرفيق جان دايه

طاروا وطُيِّروا

بدوري أشكر طبيب الأوطان والأبدان الأمين الصديق جورج يونان على قراءته لأجوبتي وتعليقه المخالف لناحية فيها.

أوافق على قوله بان بعض القيادات الحزبية لعبت دورا في تطيير النخبتين الأدبية والفكرية. وهنا، لا تختلف بيروقراطية بعض أركان قيادة الحزب عن غيرها في الأحزاب الأخرى، لجهة كرهها للمبدعين.

ولكني أكرر رأيي بان معظم أفراد النخبتين، وبينهم الفرسان الثلاثة، كان لديهم الرغبة في الطيران، والدليل ما كتبوه وفعلوه بعد أن أصبحوا خارج الحزب.

اذكر من النخبة الفكرية، فخري معلوف وفايز صايغ، وجورج حكيم وهشام شرابي وغسان تويني,

ومن النخبة الأدبية، أكتفي بذكر سعيد عقل وصلاح لبكي ورشدي معلوف ويوسف الخال، إضافة إلى أدونيس والماغوط وحاوي.

ولنتوقف عند المبدعين الثلاثة الذي ذكرتهم بصلاة أجوبتي في المقابلة، على سبيل المثال.

حاوي ترك الحزب، وأصبح عروبيا .

والماغوط لم يكتف بترك الحزب، بل لخص حياته الحزبية التي دامت 12 سنة، بنكتة الصوبيا التي حاول فيها اختصار علاقته بالحزب، بفترة التدفئة التي وفرتها له مديرية السلمية .

وأدونيس الذي حذف نصف ديوانه (قالت الأرض)، وعتم على كل نتاجه الشعري والنثري الذي نشره في دوريات الحزب الدمشقية والبيروتية طيلة حياته الحزبية التي دامت أكثر من 15 سنة. ولا يكفي ذكره لسعاده، من وقت لآخر، كدليل على استمرار إيمانه به وبعقيدته ..

هنا، أستثني أديبا مبدعا لم يطر، بل طُيِّر، هو محمد يوسف حمود الذي استمر يكتب كأديب مؤمن بعقيدة سعاده، حتى اللحظة الأخيرة من حياته.

ثم إن انتقادي لعمليتي التطيير والطيران، لا يعني نفيي لإبداع هؤلاء المفكرين والأدباء. فقد كتبت عن جميعهم في الصحف، وأصدرت كتاباً عن كل من فخري معلوف ومحمد الماغوط وخليل حاوي ومحمد يوسف حمود، وكتابين عن شرابي، نشرت في كل تلك الكتب عينات من نتاجهم المجهول.

يبقى أني أوافق الأمين جورج، بأن الأوان قد آن، ومن زمان، لمعالجة هذا الصراع الداخلي غير المبرر والمؤذي لحزبنا المشهور باهتمامه بالثقافة ومبدعيها. وما دمنا بصدد الكلام عن مؤلف (أنا والتنين) الذي شكل انتماؤه ربحا حزبيا كبيرا على الصعيدين الثقافي والسياسي، فكم كانت ستبلغ الخسارة، لو نجحت عملية تطييره من الحزب؟

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.