LOADING

Type to search

المتحكّمون لا يتنحّون من أجل الإصلاح!

شؤون حزبية موضوع العدد

المتحكّمون لا يتنحّون من أجل الإصلاح!

منذر زمو
Share

ورد عدد كبير من التعليقات على مقالة الإسقاط … في التنظير والحقد والأخلاق اخترنا منها هذه الرسالة من الصديق منذر زمّو. شكرًا لكل من كتب وعّلق. رئيس التحرير.

سامحك اللهُ يا أسامة …

أعدتني إلى ما قبل ثلاثة عقود، وأجبرتني على استرجاع مشاعر وأفكار فيها من الألم في الواقع بقدر ما فيها من الأمل في المرجو، وما يعنيه ذلك من الخوض في غمار بحر عميق تتلاطم فيه موجات من أحاسيس التوق إلى التفاؤل رغم واقع مرير يفرض المعاناة من التشاؤم..

إليك تعليقي، أيّها الحبيب، على ما ورد في مقالك “الإسقاط .. في التنظير والحقد والأخلاق”:

يُنسب للإمام الشافعي قولٌ جاء فيه: “ما جادَلتُ عالِمًا إلّا وَغَلَبتُهُ، وَما جادَلَنِي جاهِلٌ إلّا وَغَلَبَنِي”.  لذلك، أنا على قناعة تامّة بانعدام الفائدة من مجادلة الجهلاء، ومنهم الباحثون عن الشعبويّة (Populism) الّتي تفترض الحكمة في الأكثريّة، مع العلم أنّ الأكثريّة بطبيعة الحال هي الأضعف فكريًّا والأقل إدراكًا من الأقليّة المثقّفة المفكّرة صاحبة “التنظير”.

من هنا يرفض الشعبويّون “التنظير” بالمعنى اللغوي والمنطقي والفكري للكلمة ويحوّرونه إلى معنى عدم إمكانيّة التطبيق.  لا أدري كيف ابتُدِعَت تلك الفكرة ونُشِرَت بين العامّة أنّ “التنظير” عكس “التطبيق” الّذي هو في حقيقة الأمر وفي عمق معنى الكلمة هدفها الأخير ومبتغاها الأمثل.  لكنّها الشعبويّة، با صديقي، الّتي تعمّ أكثر دول العالم، وليست حكرًا على السوريّين أو العرب.  الشعبويّة ترفض الفكر والمفكّرين ولا تعي فوائد التأمّل والبحث العلمي المنطقي الحثيث عن الأفضل الّذي لا يمكن أن يكون إلا عبر التنظير، بما في ذلك إخضاعه إلى النقد والتمحيص بما هو متوفّر من الإمكانات تحت مظلّة العقل في جميع المراحل.  بالشعبويّة ينتصر الضابط العسكري على المفكّر المثقّف ويتقدّم من يعد الناس بما يشبع رغباتهم الانيّة عمن يدعوهم إلى إنكار الذات والتضحيّة من أجل مصلحة أكثرهم أو أمّتهم أو بلدهم أو حزبهم.  ليس ذلك فقط بل وأمست كلمة “الصفوة” (Elite) منبوذة عند الأكثريّة، بل ويتسابق السياسيّون على من أكثرهم قربًا إلى بسطاء الناس وعامّتهم وأبعدهم عن الصفوة وخاصّة المفكّرين.

هناك، يا صديقي، من يرى العالم منقسمًا بين الخير (Good) والشر (Evil) ويدعو إلى اتّباع نهج الخير والابتعاد عن نهج الشر مهما كانت التكاليف ومهما عظمت التضحيات.  وهناك من يرى العالم منقسمًا بين الرابحين (ًWinners) والخاسرين (Losers) فينشدون الربح وينبذون الخسارة، حيث أنّ الربح خير والخسارة شر، ولا يعنيهم شيء غير ذلك.

“الربح أو الخسارة هنا بمعنى الربح الشخصي أو الخسارة الشخصيّة، أمّا الربح المجتمعي أو الخسارة المجتمعيّة ففي مرتبة متدنّية عند أكرمهم ولا تدخل في حسابات أكثرهم.”

ثمّ تأتي يا أسامة وتطلب من المتمركزين في مراكز القرار والمتحكّمين في وسائل التحكّم والمسيطرين على أدوات السيطرة وتطلب منهم أن يتنحّوا جانبًا من أجل إصلاح لا يرونه ولا يدركون إمكانيّة حدوثه ولا يؤمنون بفائدته ولا يرون فيه سوى انتزاع ما يتمتّعوا به من الجاه والقوّة والمكانة الاجتماعيّة والوضع المادي والمعنوي واحترام الآخرين وتقديرهم لهم.

سامحك الله يا أسامة..

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.