القعر- رئيس التحرير
Share
كلما وصلنا قعرًا ظننا أنه القعرُ، نكتشف كم كنا واهمين.
هكذا، بمشاركة واحدة في اجتماع مذهبي، قضى كل من أسعد حردان، رئيس ما تبقى من المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي – الروشة، على مبادئ حزبه الإصلاحية الثلاث الأول، وقضى النائب سليم سعاده على كل الرصيد الذي بناه أثناء مناقشة الأزمة المالية وبعد الاعتداء الذي تعرض له السنة الماضية.
مشاركة واحدة في اجتماع يدعو إليه مرجع مذهبي طائفي، لخوض معركة طائفية، في نظام طائفي، كانت كافية. ليس مهما ما قاله حردان أو سليم سعاده في الاجتماع، حتى لو نطقا دررا. المشاركة خطأ، والمعركة خطأ، والاثنان أثبتا مقولة إن قيادة هذا الحزب لا تفوّت فرصة لإنكار علّة وجود الحزب الذي أسسه أنطون سعاده إلا وتقنصها.
كل الحلقات والمحاضرات والكتب والمقالات والسجون والعذاب والاعدامات والتهجير والمجازر التي لحقت بالقوميين من قبل الطائفيين في لبنان على مختلف مذاهبهم، في الكورة وعينطورة، والمتين، ومشغرة، وحلبا، وسواها، كلها سقطت بهذه المشاركة. بل إنها سوف تضع حاجزا كبيرا بين القوميين والشعب المتعطش لمبادئهم. حاجز اسمه “الرياء”. والرياء هو “الخداع” وإظهار المرء خلاف ما يبطن أو يخفي. من الآن فصاعدا سيكون على كل قومي يحاول أن يحاضر بفضائل فصل الدين عن الدولة ان يحافظ على رباطة جأشه إذ تدور عينا المستمع في محجريهما ويهتز رأسه تقززا، ويمضي في حال سبيله متمتما بعض ما تذكّره من أدب الشتائم الرفيع في قاموس سعيد تقي الدين.
هناك خطأ، وهناك جريمة، وهناك خطأ في حجم الجريمة. القعر الذي دفعنا إليه كل من أسعد حردان وسليم سعاده اليوم، هو هكذا، خطأ في موقع الجريمة.