القدس… وفلسطين
Share
الدافع لكتابة هذه العجالة هو ما أثير حول قرار الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب (يافا المحتلة) إلى القدس (المحتلة)، ومحاولة توضيح الموقف القومي الاجتماعي المفترض من هذه المسألة.
لقد أثار القرار الأميركي عاصفة من ردود الفعل في القارات أجمع تقريباً، وكان الدافع حسب ما تراءى لنا دينياً بالدرجة الأولى. فالقدس، كما يُستدل من إسمها، لها طابع مقدس على الأقل في الدينين المسيحي والمحمدي. ويكفي بعدها أن تخلط الأمور المدنية السياسية من جهة بالأمور الدينية اللاهوتية من جهة أخرى حتى نقع على إستنتاجات عجيبة غريبة من مثل: ”القدس وقف الله”! أو “القدس قبلة المسلمين الأولى”! أو “القدس عربية إسلامية”، وبالتالي الدعوة للجهاد لمنع تهويد القدس.
إننا لا نستغرب هذه البلبلة وهذا الخلط بالأمور بين أبناء شعبنا الذين لمّا يعوا بعد هويتهم، ولمّا يتعرفوا على مبادئ النهضة القومية الاجتماعية، (ومردّ ذلك إلى فشل الحزب السوري القومي الاجتماعي في أن يكون حركة الشعب العامة). فبالعودة إلى تاريخنا المعاصر، نجد أن خطط التفكير الرجعي هذه كانت هي المسؤولة بالذات عن ضياع أجزاء مهمة من الوطن كالإسكندرونة وفلسطين…
لكن الغريب هو أن ترى القوميين الاجتماعيين يتظاهرون ويتضامنون ويستنفرون ضد هذا “القرار الجائر”!
وبالمناسبة، يحضرني قول سعاده في كلمته أمام طلاب الجامعة الأميركية في 16 أيار 1949:
“…إذا زحفنا يوماً إلى فلسطين فلن نكون زاحفين لإسترجاع أرض مقدسة، لا عملاً بإنجيل ولا قرآن أو كتاب حكمة…”.
فيا محسنين ويا محسنات! مسألة فلسطين لا تتجزأ عن قضية عامة كلية هي قضية سيادة الأمة السورية على نفسها ووطنها. والقدس من الناحية القومية مدينة محتلة مثل أية مدينة أخرى محتلة (يافا وحيفا وعكا على سبيل المثال)، ولذلك علينا أن ننتقل من شعارات مبهمة شعبوية دينية إلى مسألة حقوقية من الطراز الأول وهي سيادة الشعب على أرضه.
نحن لا نغفل أن قراراً مثل القرار الأميركي يمكن أن يكون سبباً أو محفزاً لتضامن شعوب أخرى مع قضيتنا، ولكننا للأسف نفتقد لوجود مؤسسات قومية تستخدم ذلك على أحسن وجه، لا بل يقلب هذا التضامن الموازين فيتساوى أصحاب القضية والمتعاطفين معها.
والأنكى أن ترى الذين تنكبوا لحمل القضية القومية يتظاهرون أمام أبواب سفارة الولايات المتحدة كي تبقى السفارة في تل أبيب، فلربما يكون بذلك تحقيق لنضالهم!؟
عزيزي عطا،
موضوع المقال في صميم تحديد الأولويات القومية و هو يحتاج لتطوير بهدف التمكن من تعميم هذه الأولويات على شعبنا، و خصوصا الشباب منهم، الذين ان لم ينجروا وراء اسباب دينية، انجروا وراء اسباب “انسانوية”، و لعلها اخطر.