القانون الدستوري رقم9 و10.. وكيفية العودة إلى سعاده
Share
إلحاقًا بتعديل الدستور، أصدر المجلس الأعلى مراسيم دستورية، نكتفي بمناقشة المرسومين الدستوريين 9 ويتعلق بالسلطة الحزبية و10 وفيه قانون الانتخاب.
القانون الدستوري رقم – 9 –
هذا القانون الدستوري حمل ست عشرة مادة، المادة الأولى تتعلق بانتخاب المجلس الأعلى والقاعدة الانتخابية وشروط الانتخاب المنصوص عنها في المرسوم الدستوري رقم – 10 – “قانون الانتخاب”، وأما المادة الثانية فتتناول صلاحيات المجلس، وفيها ومنها انتخاب رئيس الحزب، وينتخب من قبل المجلس الأعلى. وقد جاء في المادة الثالثة أنه المرجع في تعديل الدستور ونصاب التعديل.
ومما يؤخذ على هذا القانون :
1 – تناقضه مع الأسباب الموجبة، عدم تمييزه بين الانبثاق والانتخاب من جهة ومن ناحية أخرى قرر تعديل الدستور بنص قانوني وهذا خطأ لأن القانون الأعلى لا يُعدل بقانون أدنى بل يُلغى أو يُعدل زيادة عليه وإنقاصًا منه أو إلغاءه بمثله.
2 – نص في المادة الثامنة على حالتي حل المجلس الأعلى نفسه هاتان الحالتان:
- تعديل الدستور
- استقالة نصف أعضائه
عن الحالة الأولى:
آ – ماذا لو أن المجلس الأعلى أجرى تعديلاً على الدستور بأكثرية الثلثين، ولم يصدر مرسومًا بحل نفسه؟ هل يبقى المجلس مستمرًا رغم التعديل أم أن التعديل حكمي والاستقالة حكمية؟ إن صيغة النص لا تجعل الحلّ حكميًا ولا تلزم المجلس الأعلى بإصدار مرسوم بالحل، وأيضًا لو أن التصويت على التعديل كان بالأكثرية المطلقة، ما هو مصير التعديل هل يبقى هذا النص غير نافذ وفي هذه الحال ما ذا يكون أثر عبارة “يُقرُ المجلس الأعلى التعديل؟” التي لم يرد فيها نسبة التصويت، هل يبقى التعديل قائمًا رغم عدم نفاذه؟
ب – ماذا لو أصدر المجلس الأعلى مرسومًا بحل نفسه وتم انتخاب مجلس أعلى جديد ورأى هذا المجلس الجديد عدم التعديل وألغاه ألا يكون هذا الإلغاء تعديلاً للدستور يوجب وبحسب النص أن يحلّ المجلس الأعلى الجديد نفسه ؟ وماذا لو حل نفسه؟
عن الحالة الثانية
– استقالة نصف أعضاء المجلس دفعة واحدة ممكن ولكنه ضعيف الاحتمال ألم يكن من الأجدر أن يكون النص ” .. عند فقد نصاب المجلس لجلستين متتاليتين؟
3 – جاء في المادة السادسة من دستور 1970 أن السلطة التنفيذية تنبثق عن المجلس الأعلى، والسلطة التنفيذية قانونًا هي رئيس الحزب ونائبه أو نوابه ورئيس مجلس العمد والمؤسسات التابعة له، هذا بحسب المادة السادسة من الدستور.
جاء في المادة التاسعة من القانون الدستوري رقم -9- أن المجلس الأعلى ينتخب رئيس الحزب، ورئيس الحزب بدوره “ينتقي رئيس مجلس العمد ويعينه بعد…” وهو الذي ينتقي مجلس العمد وعلى مسئوليته. أليس في هذا تداخل وتناقض بين نص المادة السادسة من الدستور وبين المادة التاسعة من القانون الدستوري رقم 9؟ إذ كيف ينبثق مجلس العمد من المجلس الأعلى وكيف ينتقي رئيس الحزب أعضاء مجلس العمد من أعضاء المجلس الأعلى وعلى مسؤوليته وهؤلاء هم من أعضاء المجلس الأعلى الذين هم من انتخب رئيس الحزب؟
أغنية بلا لحن وأحجية بلا حل.
القانون رقم – 10 –
منعت المادة الرابعة الجمع بين الترشح إلى المجلس الأعلى والمجلس القومي، وهذا يعني أولاً أن المجلس الأعلى مجلس منتخب وليس مجلسًا منتقى ومردُّ ذلك إلى عدم التمييز بين الانتخاب والانتقاء، ثانيًا منعت أن يكون عضو المجلس القومي عضوًا في المجلس الأعلى، وهذا المنع غير وارد في الشروط الواجبة في عضوية هذا المجلس.
والغريب في هذا القانون، القانون رقم – 10 – نص المادة الحادية والعشرون التي جاءت بالتالي:
“يلغي هذا القانون الدستوري كل ما يتعارض مع نصوصه في الدستور والمراسيم الدستورية والأنظمة الداخلية ويوضع موضع التنفيذ فور توقيعه.”
- قانون يلغي نصًا دستوريًا، فرع يلغي أصله.
- قانون يلغي نظامًا داخليًا وهذا شأن حكمي لا يحتاج إلى نص.
- كيف يمكن تنفيذ نص قانوني قبل إصداره؟
“تصويب” 6/7/1970
على ما جرى، وجد المجلس الأعلى أن في تعديل 23/4/1970 أخطاء، فعزم على تصويبها مقدمًا للتصويب بالأسباب التي دعت إليه، فهل حقق التصويب ما أراد أن يصوب؟
بعد الأسباب الموجبة للتصويب، جاء الشرح ومما جاء فيه:
“.. ولما كانت زعامة المؤسس قد قامت بالتعاقد “الحر” بينه وبين المقبلين على الدعوة ـ القومين الاجتماعيين-..” وهذا الذي أشرنا هو في الواقع نقيض ما نصت عليه مقدمة دستور1934 والتي مما جاء فيها بما أشرنا إليه في التصويب:
“تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي بموجب تعاقد بين الشارع صاحب الدعوة إلى القومية السورية الاجتماعية وبين المقبلين على الدعوة على أن يكون واضع أسس النهضة زعيم الحزب مدى حياته..” و يكون واضحًا أن التعاقد:
لم يقم بين الزعيم وبين القوميين الاجتماعيين-وخلافًا لما جاء في شرح التصويب- أي تعاقد ، فقد بينا سابقًا إن التعاقد تم بين صاحب الدعوة والمقبل عليها، فصاحب الدعوة لم يكن إذ ذاك زعيمًا كما سبق البيان، كما لم يكن المقبل الدعوة قوميًا اجتماعيًا بل كان مقبلاً على الدعوة.
- لم يكنالتعاقد بين صاحب الدعوة والمقبل عليها تعاقدًا حرًا بل كان تعاقدًا معلقًا على شرط قبول المقبل بزعامة صاحب الدعوة.
هذا بعض التصويب الذي حمله الشرح مما يظهر أن التصويب فيما وقع عليه جانَبَ الصواب.
توالت التعديلات لنصل إلى تعديل 2010 – التعديل الأخير –
إن عدم استقرار التشريع دليل على عدم الاستقرار في الهيئة الاجتماعية التي وضع لينظم عملها، وعلى أساس هذا القلق التشريعي يمكن تفسير الوضع الحزبي.
خروج حركة الحزب عن محوره
توالت التعديلات تبعًا لتكرار وتعدد انتخابات المجلس الأعلى، دون استنارة برأي أو استشارة ذوي اختصاص، خلافًا لما كان عليه نص المادة العاشرة من دستور سعاده الذي أناط تقرير التعديل بهيئة استشارية – المجلس الأعلى في حينه – متوخيًا بذلك سلامة التعديل ودقته وضرورته لتطوير فعل النهضة وفلاحها وتقدمها بحيث يخرج التعديل عن رؤية السلطة صاحبة الاقتراح، كما نوهنا، ومما نتج عن ذلك تعديل نص دستوري أو إلغاؤه بقانون!
إن توالي التعديلات ومع تعددها بتبدل أعضاء المجلس نتيجة الانتخابات، يدل على عدم وحدة الرأي لدى القيادات الحزبية المتعاقبة في خطة عمل الحزب ونهجه وتباين في تقدير المصلحة العليا مما يحمل على الاعتقاد بأن وراء ذلك صراع على السلطة بين الطامحين إليها والطامعين في الاستئثار بها بالذات أو بالمؤيدين ليس بغرض تحقيق خطوات أفعل في تفعيل حركة النهضة القومية الاجتماعية لتحقيق غاية الحزب التي أنشئ لبلوغها، بل وكما اتضح من السياق التاريخي بدءًا من الحرب اللبنانية والأوضاع على الساحة اللبنانية قبلها وحتى اليوم لتبوّؤ منصب ٍسياسيٍ في لبنان، لقد انفعل القياديون في الحزب بالأحداث ولم يفعلوا فيها بل انضووا تحت تحالفات سياسية كانوا هم الصف الثاني فيها، فساقهم هذا الهدف السياسي للحصول على مقعد نيابي أو وزاري في لبنان – نقول في لبنان لأن الحزب في الشام كان محظورًا و قسم كبير من أعضائه في السجون والقسم الآخر متوار – الى خلق تحالفات داخل الحزب دفعت القائم على السلطة توسيع قاعدته الانتخابية التي كانت للأمناء بحسب المرسوم الدستوري رقم – 8 – هذه الرتبة التي قررها المؤسس في المرسوم الدستوري رقم – 7 – للعضو الذي مضى على اعتناقه العقيدة القومية الاجتماعية خمس سنوات على الأقل أظهر فيها فهمًا صحيحًا للعقيدة القومية الاجتماعية وإيمانًا بها وبمنشئها الزعيم وعملاً نزيهًا فيها ولها، وأن يكون مناضلاً ممتازًا بالفكر… هذه الرتبة التي كانت لتشريف حاملها أصبحت جاذبًا لولاء شخصي لمانحها – المجلس الأعلى – مستفيدًا من منحها كسب صوت يؤمِّن لأعضائه الفوز في عضوية المجلس الأعلى تمهيدا لبلوغ موقع أو منصب يهيئه لبلوغ مركز أو موقع سياسي بحسب “الكوتا” التي يخصصها له المتبوع، فولدت قاعدة المانح المستفيد، أليس في هذا خروجَ الحزب عن محوره والتفاتًا عن غايته، بحيث أضحى الحزب اليوم حزبًا قلب المهمة من كونه وسيلة لتحقيق غاية إلى غاية بحد ذاته والعقيدة القومية الاجتماعية وسيلة القيادة لبلوغ هدف سياسي، فابتداع قانون جعل الأمناء هم القاعدة الناخبة للمجلس بعد الخطأ في معرفة الهدف من إنشاء المجلس الأعلى في ظل زعامة سعاده كما والخطأ في إعطاء المجلس الأعلى صلاحية تعديل الدستور وخضوع التعديل لرغبة القيادة الحزبية القائمة بتاريخ التعديل، والاستهجان الذي أبداه المؤمنون أن الحزب الذي هو بنص المادة الأولى من مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وسيلة بعث نهوض الأمة فانقلب إلى وسيلة التفرد بالسلطة وامتطاء جواد الحزب الأصيل لبلوغ موقع سياسي. هذا التفرد لم يقدم للحزب خلال ما ينوف عن الأربعين عاما أي انتشار على الرغم من أن الحرب اللبنانية أثبتت أن العقيدة القومية الاجتماعية هي عقيدة الأمن والاستقرار لشعبنا في لبنان، فالحزب لم يحقق أي تقدم على صعيد الانتشار العقائدي أو التقدم السياسي، هذا الفشل الذريع في مسيرة الحزب السياسية والعقائدية وعلى كافة الصعد، تدفع القوميين صادقي الإيمان، للسؤال ما هو سبيل العودة إلى صاحب الدعوة، إلى الدعوة، إلى الانتماء، إلى قسم العضوية إلى السير بالحزب على خطا سعاده؟