الفينيق والرئيس المُقال-هيئة التحرير
Share
واكبت الفينيق الرئيس السابق الأمين حنا الناشف منذ توليه زمام رئاسة الحزب السوري القومي الاجتماعي – مركز الروشة. فعند انتخابه في شهر تشرين الثاني سنة 2017، نوّهت الفينيق في مقال نشر تحت عنوان “الممر الإلزامي”، بسمعة الأمين الناشف الجيدة في أوساط القوميين واعتبار أن العديد من القوميين سيرون في انتخابه بارقة أمل. ولكنها حذّرت من خطر ان تكون هذه البارقة خلبيّة بسبب الطريقة التي انتخب فيها الأمين الناشف: دورتين، وبفارق صوت واحد.
اقترح المقال على الرئيس الجديد ما كان قد سبق واقترحه لرئيس أسبق واعتبره ممرًا إلزاميا للنجاح:
عقد ورشة عمل لوضع الخطة الإستراتيجية للحزب قبل تعيين مجلس العمد، على أن يشارك فيها حوالي العشرين إلى خمسة وعشرين شخصاً من مفكري الحزب واختصاصييه ومن جميع الاتجاهات، لوضع هذه الخطة وصياغة الأهداف المرحلية والمشاريع المرافقة لها. وبناء عليها يصار إلى تعيين مجلس عمد وباقي المسؤولين في الإدارات التنفيذية لوضعها موضع التنفيذ. وختم مقال الفينيق بالقول: “إن الفائدة من هذه الخطوة هي إشراك أوسع شريحة من القوميين المسؤولين والإختصاصيين في وضع الخطة فتأتي شاملة وواقعية ودقيقة، وقابلة للتنفيذ ضمن ميزانيات حقيقية. هذه الخطة تقدم إلى المجلس الأعلى لكي يقرها. فإن فعل، كان خيراً، وإن لم يفعل يكون قد وضع نفسه في مواجهة أفضل عقول الحزب ورئيسه، وعليه عندها أن يتحمل مسؤولية قراره. ولكن، في المحصلة، تكون هذه العقول والإمكانيات قد وضعت للحزب خطة، وإن كانت على ورق.
ختمت الفينيق مقالها بالقول، “طبعاً، أمام الرئيس الجديد مسار آخر، هو ان يأتي بمجلس عمد يقوم على التسويات والمقايضات، فينتهي كما انتهى سواه رئيساً ينساه الناس أو يتمنون نسيانه.”
المقال الثاني والذي نشرته الفينيق في شهر كانون الثاني من سنة 2018، كان بعنوان “الأسئلة الأساس”. في ذلك المقال، تنوّه الفينيق بنقطتين اعتبرتهما مهتمين في كلام نشرته عمدة الإذاعة الأعلام عن الرئيس الناشف في بيان لها في تاريخ 2018-01-08، هما: “أهمية أن تتضمن الخطة الحزبية الأولويات التي يستهدفها الحزب القومي”، و”…التحديات التي تستهدف القضاء على مقومات الوجود”.
لم تكتف الفينيق بالإشارة إلى هاتين النقطتين المهتمين، فرأت أن الأولوية الوحيدة التي حددها الزعيم كانت في أن يصبح الحزب “حركة الشعب العامة”. وتمنت على الرئيس الجديد وضع السؤال التالي أمام كل عميد في مجلس العمد: “في ظل التحديات الوجودية القائمة، والوضع السياسي الحالي، ما هو تصورك لكي يصبح الحزب فعلاً حركة الشعب العامة؟ وما هي السياسات التي سوف تضعها عمدتك لكي تحقّق هذا التصور؟ وما هي المدة الزمنية لذلك؟ وما هي المقاييس التي سوف تتبعها لقياس الأداء؟”
لا نعتقد ان هذه الأسئلة طرحت على أحد من العمد، ولا نعتقد ان أحدا في مركز الروشة يفكر بها.
المقال الثالث كان بعنوان “ترف الإحباط”، ونشر في عدد شهر شباط سنة 2018. في هذا المقال لم تستغرب الفينيق قول أحد الأمناء أن “الأمين حنا الناشف قد فشل.” وكان ذلك في خضم الانتخابات اللبنانية وما رافقها من تنازلات مجانية قدمها الحزب كرمى لمموليه. وضعت الفينيق يومها عاملين للإحباط الذي يعاني منه القوميون بسبب انشغال قياداتهم عن تحقيق غاية الحزب هما، السياسة للسياسة، والمال والسطوة. عن المال والسطوة كتبت الفينيق:
“هناك قاعدة اعتمدتها جميع القوى الخارجية – ونقصد بكلمة “خارجية” قوى من خارج الأمة أو فئات ودول ومنظمات من داخل الأمة – تريد السيطرة على الحزب السوري القومي الاجتماعي وتجيير طاقته وحيويته لخدمة مصالحها. هذا أمر حصل مع جميع قيادات الحزب إبان اغتراب سعادة القسري، ومن بعد اغتياله. فكانت تلك القوى الخارجية تنتقي لها شخصية حزبية ما تصبح هي المعبر الالزامي لأموال وأسلحة تتدفق على الحزب، طالما بقي الحزب في خدمة مشروع تلك القوى. هذا الامر شهدناه في المحطات التالية: الواقع اللبناني، حلف بغداد، التحالف مع اليمين اللبناني سنة 1958، العلاقة مع منظمة التحرير ومن ثم المخابرات الشامية، والآن مع حزب الله وإيران والشام. من أجل هذا المال، انشق الحزب أكثر من مرة، وبضغط من الممول الخارجي، توحد الحزب أكثر من مرة. ما يطلبه الممول هو ان يبقى الحزب “ممسوكا”، أي ان لا يخرج عن إرادة الممول وسياسته ونهجه. إن الحزب يُلزِّم إلى “مقاطعجي” طالما هو قادر على الإمساك بالحزب وحرفه عن غايته. فإن فَشِلَ، استُبْدِل بأسرع ما يمكن.”
المقال الأخير الذي أتت فيه الفينيق على ذكر الرئيس السابق، كان “الانتظار”، في شهر أيّار الماضي، وفيه انتقدت الرئيس الناشف لعدم تناوله وضع الحزب الداخلي في مؤتمر المجلس القومي، واكتفائه بتلاوة ما وصفته بأنه موضوع إنشاء طويل يسرد الاحداث التي يمكن لأيٍ كان قراءتها في الصحف، مع إضافة تأييد هنا وشجب هناك. وانتقدت الفينيق بيان الرئيس الذي لم يتضمن كلمة واحدة عن خطط الحزب لمواجهة مشاكل البلاد ولا عن وضع الحزب، نموه او ضموره، انقساماته وتشرذمه، مناكفات سلطاته بين بعضها بعضا، والمستوي المتدني للأداء.
وختمت الفينيق مقالها بالقول، “إن هذه الاجتماعات، عدا كونها مضيعة للوقت، فإنها اجتماعات خدّاعة للقوميين والناس. إنها تعطي الانطباع ان الدنيا في ألف خير، وأن الحزب هو حزب مؤسسات نشيطة تقوم بدورها وتقيّم الأداء وتراقبه وتحاسب المقصرين وتكافئ المنتجين. هراء! إنها دجل على الناس، إنها “خلطٌ بخلط.”
إنه لمن المؤسف، لا، بل من سخريات القدر، أن الذي كان مسؤولا عن إقالة حنا الناشف، قال في اجتماع عام لرئيس حزب أسبق منذ أيام، “الحزب في ألف خير.”