الشتاء الأقسى.. بلا ألبسة أو محروقات أو غذاء!
Share
تؤكد مؤسسات الأرصاد الجوية منذ اليوم أن الشتاء القادم سيكون قارساً مليئاً بالمنخفضات الجوية المثلجة، وسيأتي مبكراً ويتأخر في الرحيل! وهذا الخبر لم يثلج قلوب السوريين الذين يعانون من موجات غلاء متتالية وغير منطقية ارتفعت فيها الأسعار أضعافاً مضاعفة حتى فاقت جميع دول العالم.
وسبق لرئيس قطاع النسيج وعضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها، مهند دعدوش، أن أعلن أن أسعار الألبسة الشتوية ارتفعت بنسبة 40% مقارنة بعام 2021، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الكهرباء الصناعية التي أصبحت 12 ضعفاً عن العام الماضي، بالإضافة إلى حوامل الطاقة والجمارك والضرائب وسعر الصرف.. واعترف دعدوش أن الألبسة صارت رفاهية بالنسبة للمواطن السوري الذي لا يتجاوز دخله ثلاثين دولاراً في الشهر!
وعند زيارة سوق الألبسة المستعملة في الإطفائية، سيتفاجأ الزائر أن أسعار ألبسة البالة الجيدة لن تقل عن سعر الألبسة الجديدة، إذ يصل سعر كنزة القطن المبطنة إلى أكثر من 40 ألف ليرة، وسعر البنطلون إلى أكثر من 25 ألف، كما يصل سعر الحذاء الشتوي إلى نحو مئة ألف ليرة سورية!
هذا على صعيد الألبسة، أما فيما يخص المحروقات، فإن المشكلة أكثر كارثية، فندرة المازوت واقتصاره تقريباً على السوق السوداء، جعله من المواد المستحيل الحصول عليها بالنسبة للمواطن، إذ وصل سعر الليتر في هذه الأيام إلى 8 آلاف ليرة، وعند دخول الشتاء فلن يقل عن 10 آلاف بالتأكيد، أما بالنسبة لكمية المازوت المقدمة عبر البطاقة الذكية بالسعر العادي، فهي إن وصلت في موعدها فستقتصر على 50 ليتراً لن يكفوا الأسرة أكثر من 15 يوماً في أفضل الأحوال!
وعلى صعيد الغاز، فإن سعر الجرّة وصل 170000 ألف ليرة في السوق السوداء، أما الجرة التي يأخذها المواطن عبر البطاقة الذكية، فلا توزّع إلا كل مئة يوم في أفضل الأحوال، أي كل ثلاثة أشهر ونصف تقريباً، وهو زمن طويل سيجعل الأمور صعبة على المواطن الذي لا تصله الكهرباء سوى ساعتين أو ثلاث يومياً!
ورغم أن الحكومة سبق أن رفعت سعر ليتر البنزين بنسبة 130% مبررة ذلك بدافع الحرص على استمرار توفر هذه المادة، إلا أن البنزين يعتبر عملة نادرة ويصعب على السائقين الاكتفاء بالكمية المحددة بالبطاقة الذكية، ما يضطرهم إلى شراء البنزين من السوق السوداء حيث وصل سعر اللير إلى أكثر من 8 آلاف ليرة!
المحصلة تقول إن مواجهة الشتاء ستكون صعبة على السوريين، فلا لباس ولا محروقات ولا كهرباء. وهذا ما جعل الكثير من الناس تدأب على تخزين الكرتون والخشب خلال الصيف، حيث يندر أن نرى في الشوارع ورقة مهملة واحدة أو كرتونة مرمية، لأن جامعي هذه المواد ينتشرون في الشوارع بشكل كثيف. ويأتي ذلك في ظل ارتفاع أسعار الحطب بشكل كبير تجاوز فيه 2500 ليرة للكيلو الواحد، ولذلك يعتبر الحطب أغلى من المازوت!
من المؤكد أن الأزمة المعيشية ستضيق خناقها على السوريين خلال الشتاء المقبل، وسيكون من الصعب على الناس تأمين لقمة عيشهم ودفئهم مع بقاء رواتبهم على حالها رغم الارتفاع الكبير بالأسعار!
بعض المشاهدات في الشارع السوري، تثير الحزن، وتؤكد حالة الخواء والفقر المدقع الذي يحدق بالناس، فاختراع مدفأة تعمل على الكحول بفتيلة تشبه فتيلة الفانوس الذي كان يستخدمه الناس منذ مئة عام، تؤكد حجم المعاناة وقلة موارد العيش. فهذه المدفأة لا يمكن أن تنشر الدفء مع ارتفاع تكاليفها هي الأخرى، إذ يبلغ سعر ليتر الكحول الأزرق المخصص لها أكثر من 6 آلاف ليرة سورية وهو لا يكفي لتشغيلها سوى ساعتين!
يقول المراقبون إن السوريين بحاجة إلى معجزة تنقذهم من البرد، ومعجزة توفر لهم لقمة العيش، وأخرى تتيح لهم الطبابة. وكل ذلك يحدث في ظل غياب الخطط الحكومية القادرة على اختراع الحلول، وانعدام الموارد بسبب فقدان السيطرة على ثروات البلاد، إلى جانب عوامل إدارية تتعلق بعمل المؤسسات وغياب التخطيط الاستراتيجي وانتشار الفساد بشكل كبير!