السيادة وبناء مجتمع الدولة
Share
أزمة كيانات الهلال، تكاد تكون واحدة. فإذا استثنينا الأردن، الذي يحظى مليكه بتعاطف غربي للدور الذي يلعبه في حماية المشروع الصهيوني منذ انشاء المملكة، فإن ما حصل في بغداد ودمشق بعد بيروت، من استفحال للشعور المذهبي والطائفي وللفساد المستشري في اجهزة الحكم داخل الانظمة القائمة، ناهيك عن فشل الدولة بالحفاظ على أمن واستقرار المجتمع، يعطي فكرة واضحة حول مسألة التشابه، وإن ما يحظى به نظام دمشق من استقرار بدوائره العليا ما هو الا نتيجة للتقاطعات التي تحدث في الاقليم والعالم.
لكي لا نخوض في عملية تشريح لكل نظام من الأنظمة القائمة، ظروف قيامه، أيديولوجيات تبناها هذا أو ذاك، فإننا سنكتفي بما جرى بعيد سقوط السلطنة وما فعله سكين الانتداب بالجغرافية التي لو قدر لها أن تكون متصلة، للعبت دوراً في استنهاض المنطقة والعالم العربي برمته.
تحكم في مجريات الأمور بالمنطقة أمران أساسيان، زرع الكيان الغاصب والنفط، وتعتبر العلاقة بينهما طرديًا لأن أحدهما أدى الى الآخر. قيل إن بلفور الذي كُني الوعد باسمه، كانت بدايته من الرافضين للصهينة، إلا أن المصالح الانكليزية حتمت عليه أن يقف إلى جانب المشروع الصهيوني، نظراً لاكتشاف الانكليز للنفط في منطقة الخليج. وليس سرًا أنهم أول من سيّر أسطولاً بحريًا يستخدم الطاقة الجديدة. ومن يستعيد خطوط سايكس-بيكو لا بد أن يلحظ كيفية استحواذ الانكليز على منابع النفط في كل من الجزيرة العربية والعراق وكيف حاولوا أن يضعوا المنطقة برمتها تحت لوائهم إثر قيام حكومة ڤيشي بفرنسا.
من المعلوم أن الناس في منطقة الهلال، فوّضوا أمرهم لإخوانهم في الجزيرة بقيادة الشريف حسين، لتسوية الأمور مع القوى الغربية وتصفية الوجود العثماني الذي قبعوا في ظله أربعة قرون متتالية، إلا أن هذا الأخير لم يكن على قدر المهمة فاكتفى بحكمه للجزيرة وتنصيب نجليه ملوكاً في دمشق وعمان بعد طرد فيصل من دمشق ولجوئه للعراق. التعطش للحكم والتنازلات هنا وهناك أصبح لغة سائغة بين فكي الانكليز فطردوه ليعتلي آل سعود السدة، وقام هؤلاء بإجهاض كل محاولات تحديث النظام العربي إن بوقوفهم بوجه الناصرية في مصر، أو لاحقًا بوجه البعثيين في بغداد ودمشق. ومحاولة فيصل اليتيمة بحرب ال 73 للًوقوف لجانب اخوانه لم يكتب لها النجاح، إذ دفع الغرب لواحد من أفراد العائلة لاغتياله، ويمكن القول إننا مازلنا نعيش آثار تلك الوقفة للحظة تغول الغرب ووضع يده المباشرة على النفط خصوصًا مع طرد الشاه من إيران وفتح جبهة إيران العراق.
يقول البعض إننا لا نستطيع ربح حربين معاً، الاحتفاظ بالأرض وبناء مجتمع الدولة. خصوصًا أن القاسم المشترك الذي جمع الأضداد تاريخيًا، تعرض لنكسة إثر سقوط الخلافة في اسطنبول. فالدولة التي يمكن لها أن تكون الجامع بدل الدين، تعرضت للكثير من الانتكاسات خصوصًا بعد اعتلاء العسكر سدة الحكم في غالبية الدول العربية وعدم قدرتهم على ربح حرب المصير باسترداد فلسطين، واكتفاء معظمهم بتوطيد دعائم النظام المستحدث بشتى الطرق والوسائل، ففقدوا شرعيتهم وقاموا بالتنكيل بكل من طالبهم باحترام المهمة التي من أجلها آزرهم الشعب حين طردوا أهل السياسة والأعمال ممن ورثوا الحقبة العثمانية، أي قيام الدولة وتحرير فلسطين.
تعيش المنطقة اليوم حالة شبيهة بفترة ما بعد الحرب العالمية الأولى، ألا وهي تصفية مرحلة الحرب الباردة والحاجة للطاقة النظيفة الصفة التي أطلقت على مادة الغاز. ففي الأمس وعد بلفور والنفط واليوم التطبيع والغاز. هل يمكن لنا وقف التطبيع والسيادة على الموارد معاً؟ سؤال على كل من يعمل في الحقل العام أن يجيب عليه لاسيما أن الحرب الايديولوجية التي سادت ابان الحرب الباردة اختفت مع سقوط الاتحاد السوفياتي ولم تعد مسألة هوية النظام الاقتصادية هي المطروحة.
هل يكفي وضع هذه الكلمات ” السيادة والدولة “مع بعضها مع شرح تاريخي يحاول ان يعطي نوع من الصدقية لهاذان الموضوعان الخطيران؟ غريب امر الضبابية في هذه المفاهيم التي تفتقد التعيين واذا الوضوح ، اذا ما سلمنا جدلا بأن المحرر ملتزم بمبادئ سعادة وتعاليمه. اما الواضح فهو التصويب على هذه الدول الكيانية التي ولدت تاريخيا بإرادة الاجنبي. فهل المقصود بها انها لم تعتلي الى مفهوم السيادة ؟ وهل لديها المقومات لكي تكون سيدة وبالتالي دولة؟ والبلية في غياب الدولة السيدة التي قامت على ارادة ابنائها مع مبادئ سعادة، فليس هناك أي لحظ لها. ولا اي دعوة لها!
أما الخاتمة فهي بسوال ولكن المحرر يسأله للجميع ويقال ان الذي يتقدم بسؤال لديه نصف الجواب على الأقل فأين جواب المحرر هل هو بالإيحاء لجهابزة الكيانات او بمقولته ” …الشعب العامة” ؟ لمن يتوجه المحرر؟ الى اللبنانيين والجمهور العربية السورية او العراقية علما بان الشعب الاردني محيد بشكل ما.؟
محزن ان يكون هذا القلم بهذه الضبابية؟