إسرائيل بالمرصاد! صوفي نادر
Share
عامل الوقت!!! من أهم العوامل التي تعطي ثقلا وأهمية لأي إعلان أو تصريح يصدر على الساحة السياسية. وقد أثبته نتنياهو مساء يوم الاثنين عندما أعلن للملأ عن معرفة إسرائيل بمواقع إيرانية تخفي فيها برنامجها النووي الذي تستطيع أن تعيد العمل عليه ساعة تشاء. وطبعا كان رد إيران بالتكذيب وإلقاء التهم على نتنياهو قائلة عنه أنه قاتل الأطفال ومغتصب الأراضي.
هذا الخبر غير هام بحد ذاته. إنما الأهمية تقع كما ذكرت على عامل الوقت.
فلنعيد سويا رؤية المشهد الأخير.
– يعود الرئيس الفرنسي من زيارته إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث تم التطرق مع نظيره الأميركي إلى موضوع الاتفاق النووي مع إيران. ففي لقاء الرئيسين أقر ماكرون أن الاتفاق المبرم مع إيران حول برنامجها النووي ليس خاطئا إنما ليس كافيا. واقترح إعادة النظر بشروطه لكي يتلاءم مع المتطلبات الأميركية
.
– يصرح الرئيس الأميركي حينها أنه سيعلن عن موقفه من المقترح الأوروبي بتاريخ 12 أيار.
– فجأة نعلم بحصول إسرائيل على معلومات عن البرنامج النووي الإيراني، فتعلنها عبر وسائل الإعلام الرسمية بالـ “حجج والبراهين”.
من البديهي ألا تكون إسرائيل قد حصلت على هذه المعلومات و”البراهين” بين ليلة وضحاها. وإن لم تفصح عنها من قبل، فذلك فقط لأنها كانت مقتنعة، بفضل كافة الاتصالات الأميركية الإسرائيلية السرية وغير السرية، أن ترامب سيلغي الاتفاق الدولي النووي مع إيران كما فعل حتى الآن مع كافة الاتفاقيات التي أبرمت قبل استلامه سدة الحكم، حتى ولو لم تكن أميركا طرفا فيها. وضمانا لعدم تأثير الرئيس الفرنسي على القرار الأميركي، كان من البديهي أن تعيد إسرائيل تذكير الرئيس الأميركي بالتوجه المفترض اتخاذه. لذلك كان عامل الوقت هاما بالنسبة للتصريحات الإسرائيلية.
تذكير الرئيس الأميركي ليس هو المحرك الوحيد لعامل الوقت. فالرئيس الفرنسي، وبالتالي الاتحاد الأوروبي، يعتبر عاملا هاما. الهدف من هذه التصريحات هي عدم السماح لأوروبا من متابعة اتصالاتها على أساس قبول اميركا بالمقترح الفرنسي. إنها ضربة قاضية لماكرون الذي ربما ولو لبرهة قصيرة اعتبر أنه نجح بإقناع ترامب بمقترحه
.
العامل الثالث هو عدم السماح لإيران ولحلفائها إطلاق صيحات انتصار ولو ضئيلة عقب عودة ماكرون من أميركا فتلتفت إلى مواضيع أخرى ألا وهي الشأن الاقتصادي الذي سينشلها من الأزمة التي تعاني منها حاليا. يجب ألاّ يغيب عن بالنا أبدا أن الاقتصاد هو أهم شأن لدى الحكومات أيا كانت. وإن كان الاتفاق الدولي النووي أبرم مع إيران فهو لنجدتها من الحصار الاقتصادي الذي تعاني منه منذ سنوات عديدة. وإسرائيل بتصريحاتها، صحيحة كانت أم كاذبة، هدفها دفع إيران للبقاء في حالة المعاناة الاقتصادية.
ربما اكتشفنا تاريخ 12 أيار الحالي أن ترامب تراجع عن قراره بخصوص الاتفاق النووي الإيراني أمر أستبعده كليا لأن الهدف ليس إيران بقدر ما هو الاتفاق نفسه. وحتى ذلك الوقت، إني على ثقة أن ترامب قادر على مفاجأتنا بأحلى المفاجآت وهو على كل شيء قدير.