أرمي شباكي- عفاف إبراهيم
Share
أرمي آخر شباكي
لأصطاد آخر نسائم الليل
آخر سكونه
آخر نقاه
آخر عطر يرنّم صمت الشفاه
يعتقد البعض أنّ الليل شرّير..
يتلبّس الثوب الغامق ليقمع الأصوات..
ويخفي في كيس “أبو حشيشه”، الضوء والمسافات!!
أنا لم أصطد شيئاً
ولا أحبّ الصيد،
ولا، حتى، في مياه “آلاسكا” المصقولة النقاء
أخاف نزّ الأرواح
اختبرت كيف للإنسان أن يكون وجهاً لوجه مع ألم الروح،
لا ثالث بينهما
الليل يا حبيبي
صديق قديم وديع،
يخفي وجوه المدن التي تنام على أسرّة مفردة
يخفي الشرفات العسليّة الدمع
يخفي قناديل الزيت المصابة بالشحّ، وتشقّق قطن فتيلها اليتيم
يخفي أسماء أطفالي اللقطاء
وأحلامهم المقصوصة عن حرير شراشف الأسياد
يخفي نافذتي التي نبت وجهي زهرةً على شوك نومها
يخفي وجه صديقي
يخفي كفّه، التي مازلت منذ أيام أنتظر لومها
يخفي صوته الهارب من عليّة روحي
يخفي ما حفر شرود روحه عنّي
يخفيني
يخفي وجه العتب الغريب
المنقوش بشوبك السكّر..، ككعك العيد
المعجون بالمحلب والورد والحليب
صوت صديق ينده
أسهر بفيء روحه
كيف لصوته أن يحمل كروم الحبّ.. والنار…
وحواكير الزمان والغار؟!
كيف له أن يحمل وجهي،
وتموّج انتشاءاتي بين تقطّع آهااااته البعيدة؟
يحمل دفء المخابز وتوهّج الرغيف المنذور للعشاء الأخير الذي كان بيننا
عشاء بلا خمر
مسكين من لم يجرَّب ثمالة الغَمر
ثمالة الأغاني
ثمالة الرقص
جرّب يوماً الانتشاء من ارتباكات ارتماء عنب القصيدة!
يا حبيبي،
الليل صديقي
لصيقي
لصيق أشيائي
يُحلّي مرّ أسراري
يخفي مِسْك الحقيقة
يخفي وجهنا الآتي
يخفي نهر حزن بلاد تجري ضمن أشلائي