أربع سنوات من الغامرة – أوكسيجين دمشق… بين الحقد والتبجيل د. ميلاد السبعلي
Share
الخبر:
طلب وزير الصحة من دمشق تزويد لبنان بـ 25 طن من الأوكسيجين يوميّاً، لثلاثة أيام، بشكل إسعافي، لأن الباخرة المستوردة لم تستطع تفريغ حمولتها بسبب الاحوال الجويّة. على أمل أن تكون الباخرة أفرغت خلال هذه الأيام الثلاثة. في وقت يبلغ استخدام لبنان حوالي 40 طن يوميًا.
التعليقات:
نقيب اصحاب المستشفيات الخاصة، هارون: لسنا بحاجة للاستيراد لأن لدينا معملان في لبنان يكفيان للاستهلاك المحلي. يرد عليه الوزير أن هذا تصريح سياسي وأن هناك معمل واحد، لا يكفي الحاجة المحلية، لذلك يتم الاستيراد من الخارج. غريب أن يكون نقيب أصحاب المستشفيات سطحي وغير مدرك ومسيّس الى هذه الدرجة.. حتى في الحالات الاسعافية الإنسانية.
فارس سعيد، كنموذج غير منقرض بعد من بقايا 14 اذار: “بشار الأسد، لا نريد أوكسيجينك!” هذا نوع من المرض المثلث، مثل العرق اللبناني: الحقد الأعمى حتى لو نكاية بالذات، ونكران الواقع المحلي، والسعي الى دخول التاريخ بالوهم والعنجهية، على اساس انه قائد وطني كبير يخاطب الأسد من الند للند. مثل نكتة ندّية أبو العبد والرئيس الحريري.
جمهور 8 اذار: دمشق رئة لبنان! من يسمع التعليقات يعتقد أن أنابيب الأوكسيجين قد مدّت بيومين وفتحت بين دمشق وبيروت. في وقت كل ما استجابت له الشام هو كميات إسعافية بسيطة لتفادي ازدياد عدد الوفيات من بين الألف مريض الموجودين في مستشفيات لبنان وبحاجة للأوكسيجين. ولمدة يومين أو ثلاثة. فالتبجيل والتضخيم أحيانا كثيرة يؤدي الى السخرية دون سبب وتعبئة المعسكر الآخر المضروب بالأمراض المثلثة التي ذكرناها.
الحقيقة المجردة: مشكورة الشام على هذه المساعدة الإسعافية. ومدانة الحكومة اللبنانية على عدم وجود اكتفاء ذاتي بإنتاج الاوكسيجين، كون ذلك لا يحتاج الى مواد أولية أو نفط أو مواد خام. ومدانة الحكومتان اللبنانية والشامية على عدم الفصل بين الاقتصاد والسياسة، والعمل منذ عقود على تكامل في كثير من المجالات الحيوية، بعيداً عن عمليات التهريب التي تحرم الشعبين والحكومتين من تخطيط علمي للتعاون وتبادل الاحتياجات والحصول على الضرائب المعقولة، وتشجيع الانتاج المحلى والتكامل بين الكيانين المتلاصقين، بدل ترك الأرباح تتكدس في جياب زعماء التهريب في البلدين، والذين غالباً ما يكونون من أكبر المتضررين من أي تقارب.
وربما تتوسع الإدانة بعض الشيء، لتصل الى حكومات الاردن والعراق. فالأردن لديه فائض في انتاج الكهرباء، وقد تم عرض فكرة ايصال الكهرباء الى لبنان من خلال الشبكة الشامية، وبكلف تنافسية، لكنها تعطلت بسبب تضارب المصالح والتفكير الكيدي والسياسات والمصالح المحلية الصغيرة، والأمراض المثلثة.
والعراق لديه الفيول والمشتقات النفطية التي يمكن أن تصل الى لبنان من خلال الاراضي الشامية، سواء بالحافلات، او من خلال إعادة تأهيل خط كركوك طرابلس.
هذه بضعة مسائل حيوية، من ضمن خريطة واسعة لمجالات التكامل، كان يمكن العمل عليها بعد الحرب اللبنانية، من 1990 حتى خروج الجيش الشامي في 2005، لو لم يكن المسؤولون اللبنانيون والشاميون وقتها، متلهين بالسرقة والنهب والكوميسيون والمكاسب الآنية من موارد البلاد وودائع الناس. وفي طليعة هؤلاء الكثير من متطرفي 14 اذار اليوم، واصحاب المصارف والتجار والليبراليين، الذين كانوا يفرحون بهذه المكاسب حتى لو كان ثمنها بعض تعفير الجباه أو الزوجات في عنجر!
وكان يمكن التفكير فيها بعد 2005، بعقل بارد ومنهجية علمية متحررة من الأحقاد والعقد. وكان يمكن أن تكون من أهم انجازات العهد القوي، لو لم يكن رموزه يخافون من زعل الغرب وعرقلة استمرارهم في الحكم رئيسًا وراء رئيس، كأنهم لم يقرأوا التاريخ اللبناني الحديث، ولم يتعلموا ممن مات قبلهم.
على كل حال، تمر منطقتنا وكياناتنا هذه الأيام في مرحلة من عدم الاستقرار والضغط تشبه عنق الزجاجة، ولا بد بعدها من انفراجات ونهوض. وعندها لا يجوز أن تترك هذه المسائل الحيوية والاستراتيجية وتضيع بين أحقاد جماعة، وتبجيل جماعة أخرى، وقصور وعجز الجماعتين… ليبقى الشعب، ووحدة حياته ومصالحه الكبرى، هو الضحية الأولى لهكذا جماعات!
لا تستقيم العلاقة ما لم نطيح بالابراج التي يبنيها الجيش اللبناني على الحدود مع الشام بدفع ودعم مادي بريطاني