كدت … لو – قيس جرجس
كدتُ أن أصير نبياً موهوباً، لو لم تغطّ ذبابة على مرآتي وتفسد صورتي، وذبابة أخرى تغطّ على جفني وتفسد تأملي.
كدتُ أن أصير شاعراً عالمياً، لو أنّ المجاز استخدم جواز سفر مزوّر لمعاني الكلمات على حدودها، ولم يتعرّف إليه شاعر في لجنة التحكيم والجوائز.
كدتُ أن أصير مسيحياً، لو أن الكنائس كانت بلا أجراس وبلا قانون إيمان.
كدتُ أن أصير مسلماً، لو لم يكن للنبوة خاتم وخِتام وأختام واختتان.
كدتُ أن أصير ملحداً، لو لم يكن الله أقرب لي منّي.
كدتُ أن أرتد وثنياً، لو لم يكن هناك تعدد لصور لله الواحد في الكل الإنساني.
كدتُ أن أرتد أسينياً غنوصياً، لأن لاهوت الدين بالإكراه التنظيري قام بفصل الإنسان عن الله.
كدتُ أن أصير ديالكتيكياً مادياً شيوعياً، لولا لاهوت الديالكتيك المادي لم يقم بالإكراه التنظيري بجعل قوى العقل الإنساني (الإبداع) مفعولا به دائما، وأَكره التاريخ نظريا على حتمية تنفي ديالتيك التفاعل والصراع.
كدتُ أن أصير ديالكتيكياً هيغلياً روحياً، لولا لاهوت العقل التجريدي لم يقم بالإكراه التنظيري بإنكار دور القوى المادية من الفعل التاريخي، وأقعدني عاطلا عن العمل.
كدتُ أن أصير ليبرالياً فردياً وجودياً، لو لم أكن فردا معرّفا اجتماعيا إنسانيا على هذه الأرض بالإنسان-المجتمع.
كدتُ أن أصير قومياً اجتماعياً مادياً – روحياً إنسانياً (مدرحياً)، لكن القضية التي ساوتْ وجودي الحر الحضاري أفسدتها أقفال اللاهوت الحزبي وسدّت طريق التفاعل الخلّاق الجامع لقوى الإنسانية.
كدتُ أن أصير عاشقاً هائماً قرمزياً كنبيذٍ احمرّتْ وجنتاه خجلا من وجنتيكِ، لو لم تستبيحي تنفسي.
كدتُ أن أصير مجنوناً جدلياً، لو لم تمطر مظلة أمي فوقي بدلا من السماء.
أنا قيس جرجس تسيل ضحكتي كلعاب العنب على كؤوس الندامى لأني لم أصر أحداً من كل أولئك…