السلطة التنفيذية.. في التعديلات الدستورية وتطورها
Share
بحثنا فيما سبق، التعديلات التي طرأت على دستور سعادة، وما وقع من تعديلات على هذه التعديلات و في أسبابها وآثارها وموقع هذه التعديلات من علوم القانون، لننتقل الآن إلى السلطة التنفيذية، وما طرأ على المراسيم الدستورية الصادرة عن الزعيم بوصفه مصدر السلطة التنفيذية من تكريس أو تعديل أو إضافة.
الرئاسة
ذكرنا في محله أن المجلس الأعلى ينقلب ولمرة واحدة من هيئة استشارية إلى هيئة ناخبة لانتخاب “خلف” للزعيم، ومؤيد ذلك وسببه، مواجهة لظرف طارئ متسم بالعجلة الزائدة، وحالة الاستعجال بالمفهوم القانوني نشوء حالة ضرورة ملجئة تتطلب العجلة الزائدة في المعالجة تلافيًا لضرر فادح وخطر محدق، وهذا يفسر لماذا أُعطي هذا المجلس صلاحية انتخاب رئيس بصورة استثنائية، فانتخاب أول رئيس للحزب حالة اقتضاها اغتيال الزعيم القائد العام ومصدر السلطتين التنفيذية والتشريعية، هذه الحالة جعلت الحزب في حالة فراغ في القيادة وفي السلطة، تقتضي المبادرة الفورية ملء الفراغ لمتابعة مسيرة الحزب.
لقد بينت المادة الثالثة عشرة من الدستور، أن طريقة انتخاب الرئيس سيصدر بها قانون “.. يصدره الزعيم بمرسوم له صفة المراسيم الدستورية” ولما لم يتسنّ للزعيم إصداره، ووقع الفراغ في القيادة والسلطة، وتداركًا لذلك ودون سند تشريعي، ودون وجود هيئة ناخبة، جاء انتخابه معالجة لظرف طارئ بدافع المصلحة العامة وليس تجاوزًا لنص، فالنص غير موجود.
السلطة التنفيذية “تطورها”
عهد الزعامة
الإدارات المساعدة
تنفيذًا لنص المادة السادسة من الدستور، أصدر الزعيم أربعة مراسيم دستورية بتشكيل الأجهزة الإدارية التي تساعده في إدارة الحزب، ففي المرسوم الدستوري رقم 1 أنشأ مجلس العمد، سمّاه مؤسسة العمد، ومجلسهم حدد في المادة الثالثة منه المصالح الحزبية وجعل على رأس كل عمدة عميدًا له وكيل و ناموس، في المرسوم الدستوري رقم 2 أنشأ “مؤسسة المنفذيات هيئة تنفيذية تتبع مؤسسة العمد يدير المنفذية المنفذ العام تعاونه هيئة المنفذية التي تتألف من ناموس وناظر لكل عمدة من مجلس العمد،هذا المرسوم يقسم الحزب إلى مناطق إدارية، في المرسوم رقم 3 أنشأ مؤسسة المديريات، تقسم المنفذية إلى مديريات للأحياء والنواحي والقرى يرأس كل مديرية مدير يعينه عميد الداخلية بناءً على اقتراح المنفذ العام يساعد المدير قي إدرة المديرية هيئة المديرية قوامها ناموس ومذيع ومحصل. وحدد صلاحية كل منهم، أما المرسوم رقم 4 فقد أحدث لجان المديريات ومجالس المنفذيات وهي لجان استشارية وتشريعية محلية، هذه المراسيم أيضًا لم يطرأعليها تعديلات حتى العام 1950.
هذه المؤسسات ليست سلطات إنما هي وكما جاء في نص المادة السادسة من الدستور، مجالس وهيئات مساعدة تساعد الزعيم في أعمال الإدارة حدد مهام كل منها مرسوم إنشائها.
صلاحية مجلس العمد: “تقرير التوافق الشكلي والنهج المشترك لتنفيذ سياسة الزعيم وخططه ومقرراته… وإبداء الرأي في المسائل التنفيذية التي يطلب منه الزعيم درسها..”
صلاحيـة المنفـذ العـام: “إدارية بحت، وعليه عقد جلسات هيئة المنفذية واتخاذ جميع التدابير النظامية لتنفيذ شؤون الإدارة في منطقته.. تطبيق نظام الحزب وخططه الإدارية وقرارات الزعيم ….”
صلاحيـة مديـر المديرية: “إدارة مديريته وفاقًا لدستورالحزب وقوانينه وأنظمته والتعليمات الواردة إليه من رؤسائه بالتسلسل…”
السلطة التنفيذية مابعد عهد الزعامة
منصب رئاسة الحزب
رأينا الكيفية التي تم بموجبها انتخاب أول رئيس للحزب، هذا الانتخاب الذي اعتمد على نظرية الأمر الطارئ والمصلحة القومية العليا.
استقرت أوضاع الحزب في بداية الخمسينيات من القرن الماضي بتسمية الأمين جورج عبد المسيح رئيسًا له، وانتقال القيادة الحزبية إلى الجمهورية الشامية بعد الانقلاب العسكري على حسني الزعيم الذي خان شرفه العسكري وسلم الزعيم الى السلطات اللبنانية التي حاكمته وحكمت عليه خلال خمس ساعات لتنفذ الحكم بإعدامه مع خيوط فجر الثامن من تموز عام 1949.
أخذ الحزب بعدًا جماهيريًا واسعًا، وتوافدت على مكاتبه أفواج المواطنين من كافة الشرائح والمستويات وخاصة الطلابية. وكثرت الاجتماعات الإذاعية لشرح عقيدة الحزب ومبادئه وغصت مكاتبه بالمواطنين، مما اضطر بعض الرفقاء إلى عقد الجلسات الإذاعية في بيوتهم، في هذه الفترة صدر القانون الدستوري رقم 8 لعام 1951 وتداخل فيه الدستوري بالقانوني دون تمييز، أما فيما يتعلق برئاسة الحزب فقد وردت إجراءات الانتخاب وشروط المرشح في المواد الخامسة عشرة والسادسة العاشرة:
- طلب ترشح يقدمه الطالب إلى المجلس الأعلى عن طريق السلطة التنفيذية ضمن مهلة محددة.
- أن يكون الطالب أمينًا حائزًا على رتبة الأمانة مضى على انتمائه خمسة عشر عامًا مارس مسؤوليات عليا.
- أصوات الفوز، أكثرية الثلثين في الجلسة الأولى وأكثرية الحاضرين في الجلسة الثانية في حال لم يحقق أي من المرشحين الفوز.
في السادس من شهر تموزالعام 1970 أصدر المجلس الأعلى القانون الدستوري 1 عدل من صلاحيات رئيس الحزب إضافة إلى تعديلات دستورية.
وأخيرًا وبتاريخ 16/7/2010 أقر المجلس الأعلى القانون رقم /6/ ونشر بتاريخ 8/9/2010 في كتيب تحت عنوان “الحزب السوري القومي الاجتماعي – الدستور-” جاء في تقديمه:
“صدر عن الزعيم في 21/11/1934 وصنف في 20/1/1937 وأدخلت عليه تعديلات بموجب القوانين الصادرة في 16/11/1951 و23/4/1970 و 16/11/1970 و25/6/1980 و3/6/1984 11/11/1991 و11/4/2000 و 26/4/2001 و18/3/2008 .”
قوانين تعدل دستور، تعديلات دستورية متتابعة، مؤتمرات وتوصيات، والحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه سعاده لنهضة أمة، أصبح اليوم بحاجة إلى قيادة تعيده إلى محوره كحزب سياسي لخدمة العقيدة وليس حزبًا عقائديًا لخدمة السياسة.
مجلس العمد
تعاملاً مع الظرف الطارئ الذي سبقت الإشارة إليه لإملاء الفراغ الدستوري، فقد أصدرت السلطة التي نشأت بفعل ذاك الظرف الطارئ المرسوم الدستوري رقم 8 لعام 1951 الذي عدل المادة العاشرة من دستور1934 المصنف في العام 1937 ووضع أحكام تنظيم السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبذلك أصبح مجلس العمد سلطة تنفيذية بعد أن كان إدارة مساعدة تساعد الزعيم في إدارة الحزب، كما نصت عليه المادة السادسة من الدستوركما أصبح المجلس الأعلى سلطة تشريعية بعد أن كان هيئة استشارية واستمر الأمر على ذلك في التعديلات اللاحقة حتى استقر عليه الحال في تعديل 2010 الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في كافة التعديلات وتصويب ما قد يكون فيها من مخالفات وأخطاء.