هَرْهروها بالهزائم.. وبهدلوها بالموبقات!

Share

يحتفل القوميون كل عام في ذكرى اغتيال الحركة، ويتقاطر “الكرادلة” والمشنشلون بالأوسمة المستحدثة، إلى العرزال كي يدقّوا مسمارًا إضافيًّا يحافظ على النعش محكم الإغلاق، حتى لا يتسرب إلى داخله الأوكسجين، فيخطر على بال الرفات أن يعود إلى الحياة!

الاحتفال باغتيال الحزب، وتحويل استشهاد سعاده إلى إعدام، واضح في البيانات المستنسخة التي يتلوها أصحاب الغبطة ومعتمرو العمامات “النهضوية” منذ عام 1949 حتى اليوم. فالمطلوب بالنسبة إليهم، إتمام طقوس الدفن وتقديم واجب التعزية، حتى تقتنع الأجيال التي لم تولد بعد، أنهم قاموا بالواجب على أكمل وجه.

جثة الحزب تزكم رائحتها الأنوف، وتؤكد صحة ما ذهبنا إليه، فتعطيل النهضة عن الدخول في دائرة الفعل، عبارة عن اغتيال ثانٍ يضاف إلى استشهاد سعاده الذي حولوه إلى إعدام! والفرق الوحيد بينهما، أن اغتيال الحزب تم بدسّ الزرنيخ في خبز النهضة على المدى الطويل، بينما “الإعدام” حصل بلحظة واحدة عندما ضغط الجنود على زناد بواريدهم، دون أن يفكر في إنقاذه أولئك الفارّون من عملية التطهير التي أجراها سعاده بعد رجوعه من المغترب القسري، لأنهم لا يريدون ذلك، وسعاده “الميت” بالنسبة إليهم، أفضل كثيرًا من سعاده “الحيّ”.

يقف الكرادلة المتواطؤون ومن لفّ لفّهم من الزحفطونيين الجدد والقدامى، أمام “بيوت الشَّعر” والمبرّات كي يستقبلوا وفود المعزّين في الثامن من تموز، مؤكدين أنهم قادة أبديّون للحركة التي هَرهروها بالهزائم وبهدلوها بالموبقات، متمسكين بكل ما يحمل الاغتيال من معنى ورافضين أي عقار يعيد حيوية النهضة، لأن الحيوية تلغي وجودهم في سدّة المكاسب. حتى على صعيد اللغة واجتراح الصور في تصوير الثامن من تموز، لا يبذلون جهدًا في البيانات التي يكتبونها، كأن هذه النهضة التي أُتخمت بالإبداع وتحرير الفن في مرحلة ما قبل الاستشهاد، أصبحت مجموعة كلاسيكيات ممجوجة بعامل الإمكانات المتواضعة التي تحلوا بها تاريخيًّا!

سحبوا خير النهضة، وحولوها إلى حركة “دايت”، لا تُغني ولا تسمن، ولا يُحسب حسابها إلا في كمالة العدد التي يتحنّن بها “الحلفاء”، لأن فعل الاغتيال استرخى واستقرّ واستراح بعد أن أزيح فعل الاستشهاد!

الاغتيال، عطالة وموت نهائي، أما الاستشهاد فحياة وتجدد واستمرار. ولأن الأمة ليست عقيمة، خافوا من الولادات المحتملة في كل مرحلة، وتم تطفيش أصحاب القدرات والمثقفين من الحركة، فكان البغل الذي قصده تقي الدين، يرفسهم خارجًا، بينما يقوم البغل الثاني برفس المكرسحين إلى الداخل حتى أصبحت النهضة تمشي على عكازات وتستجدي من الآخرين سلامة الطريق!

ربما لا تكون المشكلة في المرفوسين إلى داخل الحركة، بل في البغال الذين يلبّطون ذات اليمين والشمال من دون أن يوضع لهم لجام أو يقال لهم: كفى!

0
0

1 Comment

إنه القهر يا أحمد! – الفينيق 14 يوليو، 2022 - 4:30 م

[…] انتقل إلى نقاش مكتوب حول مقالة رفيقنا زيد قطريب، “هرهروها بالهزائم وبهدولها بالموبقات“، والتي أتحمل مسؤولية نشرها بصفتي رئيس تحرير […]

Post Comment