أكدت الممارسات المستهجنة في عدد من مكاتب الحزب السوري القومي الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية في المتن الشمالي وبيروت، مجموعة من الحقائق الفاضحة التي تعامى بعض القوميين الاجتماعيين عن رؤيتها بالعين المجرّدة، إما تهرباً من واقع مؤلم أو خشية من خطوات حاسمة… مؤلمة أيضاً! ونعرض هنا جزءاً من تلك الحقائق:
أولاً، يوجد خلل جذري في آلية انبثاق السلطة وممارستها، بما في ذلك عشوائية منح رتبة الأمانة. وأصبح بعضهم لا يرى في السلطة، عندما يصل إليها، إلا طريقة لإدامة التسلط والغلبة.
ثانياً، هناك منهج إقصائي إلغائي ترسّخ خلال العقود الأربعة الماضية، فأنشأ جيلاً من “الحزبيين” لا يؤمن بالحوار والتفاعل ولا يعرف سوى رفض الآخر وشيطنته تمهيداً للقضاء عليه.
ثالثاً، إذا كان ذلك المنهج من صنع شخص أو مجموعة أشخاص في فترة معينة، فهو اليوم “مدرسة” قائمة بذاتها لها منظروها وأساتذتها وتلامذتها وأتباعها المخلصون.
رابعاً، استطاع هؤلاء الأشخاص، بواسطة ممارساتهم المنهجية، أن يشكلوا “حزباً” خاصاً بهم في قلب الحزب السوري القومي الاجتماعي، أظهرت التجارب أنه بعيد كل البعد عن العقيدة القومية الاجتماعية بما تحمله من مناقب وقيم.
خامساً، هذا “الحزب الهجين” يستمد عناصر وجوده وبقائه من سياسة الارتهان والتبعية لأطراف محلية وإقليمية، كونها تمده بأسباب الحياة مقابل “خدمات” لا تصب في مصلحة الأمة.
سادساً، الفكر الإقصائي الإلغائي يبيح لتلك الجماعات، بل ويشجعها على استخدام العنف لتحقيق مكاسب خاصة. والأعمال العنفية تعتبر إحدى الوسائل المهمة لإثبات الذات من جهة، وللتسويق الخارجي من جهة أخرى.
سابعاً، لا يوجد أي صفات مشتركة بين “الحزب الهجين” الذي التصق كالعلق بالجسم القومي وبين القوميين الاجتماعيين الذين أوقفوا حياتهم على مجد الأمة وعزتها. إن أي تقارب محتمل لا يعدو كونه من قبيل الصدفة!
ثامناً، إن الدعوة إلى “وحدة القوميين الاجتماعيين”، على أهميتها وضرورتها، لن تقوم لها قائمة طالما أن أصحاب النهج الإقصائي مستمرون في تسلطهم على القرارالحاسم. ومن المؤكد أن أي تنازل شكلي باتجاه “الوحدة” هو في الواقع مناورة خادعة بانتظار تغيّر موازين القوى.
تاسعاً، الحزب السوري القومي الاجتماعي هو حزب الوحدة القومية بامتياز. لكنه أيضاً حزب الوضوح في الرؤية، وحزب القيم المناقبية السامية. ولذلك لا يحتمل أية مساومة أو صفقة… حتى ولو كان المكسب السريع “جمع” المتناقضات في جسم حزبي فسيفسائي.
عاشراً، أي بحث عن حلّ للأزمة الحزبية يجب أن يأخذ في الاعتبار النقاط التالية:
أ – التقييم والنقد الذاتي.
ب – المحاسبة الجذرية والعادلة.
ج – استعادة المؤسسات وصلاحية القرار من أيدي المليشيات، فالمؤسسات الدستورية تشكل الضمانة الفعلية للمحاسبة.
د – رفض كل أشكال التسلط الفردي تحت أي مسمى كان!
هـ – ضرورة تطبيق مبدأ أن “القوميين هم مصدر السلطات”.
و – توسيع آفاق العقيدة القومية الاجتماعية في حاضرها ومستقبلها.
وقد ينبري معترضٌ ليقول إن العمل على هذه “الحقائق” سيؤكد انشقاق الحزب! ونحن نقول إنه محق في تخوفه. لكننا في الوقت نفسه لا نخشى من مثل هذا الانشقاق. بإمكان أصحاب النهج الإقصائي الإلغائي تشكيل الحزب الذي يريدون، وتبني أي “فكر” يرغبون… لكنهم لن يكونوا الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي هو دولة الأمة المصغرة. فهم لا يستطيعون التعبير عن الوجدان القومي، ولا يدركون ماهية الحزب المستقلة عن إرادات الآخرين. وحريٌ بهذا الخيار أن يفرز الناس، فلا تعود النزعة الرمادية هي المسيطرة على قراراتنا.