مواجهة التغوّل: الشروط الضرورية

Share

الشرط الأول لمواجهة التغوّل القائم، وما سيليه، هو تغيير في نمط التفكير من “على قد بساطك مدّ رجليك”، إلى على قدر طول رجليك حيّك بساطك.” هذان المثلان المتناقضان يمثلان عقليتي تفكير سائدتين. الأولى تدعو للاكتفاء بالعمل ضمن الطاقات المتوفرة، والثانية تقول ببناء الطاقات لمواجهة التحديات المطلوبة. والفرق واضح في نتيجة كل من طريقتي التفكير هاتين. الأولى تؤدي إلى الاضمحلال، فبينما أنت تقصر عملك على طاقاتك الحالية دونما اهتمام بتنميتها، العالم من حولك ينمو ويتغير، وطاقاتك الحالية تتناقص. الثانية تُبقي نظرك ثابتا على احتياجاتك المتغيّرة والنامية باستمرار، محفزة إيّاك على العمل لابتكار وسائل عمل جديدة وبناء طاقات خلّاقة لمواجهة التحديات.

بعد هذه المقدمة نقول إننا إذا شئنا أن نواجه الحركة الصهيونية في المغتربات، وهي شيء لا يستهان به نتيجة تطويرها لقدرات هائلة على مدار قرن من الزمن، يجب ان يكون لدينا حركة عالمية نظامية متواجدة في مراكز القرار الدولية وتحظى بدعم الجاليات السورية وبتأييد أصدقاء من مختلف التوجهات. هذه الحركة يجب ان يكون لها مؤسسة تنطق باسمها وتحدد أهدافها وتنظم تحركاتها بأكثر قدر من الفاعلية. هذا في رأينا يجب أن يكون الهدف الأول. والهدف يجب يكون محددًا، قياسيًا، قابلاً للتحقيق، ذا صلة بما نحتاج إليه ومحكومًا بزمن معين للتنفيذ.

نحن نرى أن جميع هذه الشروط متوفرة في القوميين الاجتماعيين وأصدقائهم المتواجدين في شتى أنحاء العالم، فهم أصحاب قدرات وطاقات كبيرة، لكنها مهملة وغير منظمة وبالتالي غير فاعلة.

ما ستكون مهمة هذه المنظمة؟ لندرس إحدى منظمات العدو ففي مثل هذا الدرس إفادة.

هناك منظمة اسمها مبادرة أصدقاء إسرائيل تأسست سنة 2010 بمبادرة من خوسيه غارسيا آزنار، رئيس وزراء أسبانيا الأسبق، وبتنسيق واضح مع بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو الإسرائيلي آنذاك، وعدد من غلاة قادة اليمين في العالم أمثال ستيفن هاربر، رئيس وزراء كندا السابق، اللورد دايفد تريمبل، رئيس جمهورية إيرلندا الشمالية البروتسنتية، وجون بيرد، وزير خارجية كندا السابق، وروبرتو أوغستينلي، بليونير أميركي من حزب الجمهوريين، وسواهم.

ما هو هدف هذه المنظمة؟ تقول النبذة من موقع “المبادرة” إنها تأسست بعد لقاء لعدد من كبار الفاعليات العالمية من أجل “الدفاع عن حق إسرائيل في الوجود.”

ولماذا قامت الحاجة لمثل هذه المبادرة؟ الحاجة هي مواجهة “المحاولات المتنامية لنزع الشرعية عن دولة إسرائيل وعن حقها في الحياة ضمن حدود آمنة ويمكن الدفاع عنها… والتي يقودها أعداء إسرائيل المدعومون بطريقة خبيثة من قبل عدد كبير من المؤسسات الدولية.”

بماذا تختلف هذه المبادرة عن سواها؟ “إنها تختلف في كون مؤسسيها، في غالبيتهم، ليسوا يهودا، ودافعهم يقين أن إسرائيل هي جزء لا يتجزأ من العالم الغربي. وفي الواقع، فإن القائمين بالمبادرة مع إدراكهم لأهمية مسار السلام، فإنهم يخشون أكثر ما يخشون من تصاعد المد الإسلامي والخطر الإيراني، اللذين يهددان العالم قاطبة.”

ما هو أسلوب عمل المبادرة؟ “تلتزم المبادرة بالعمل باستمرار وجدية في جهودها لنشر رؤية أعضائها لإسرائيل كدولة ديمقراطية ومنفتحة ومتقدمة مثل أي دولة أخرى، وأنه ينبغي النظر إليها والتعامل معها على هذا الأساس.”

حافز إضافي لدعم المجموعة: إن جميع التبرعات تعفى من ضريبة الدخل في الولايات المتحدة الأميركية.

لا شك عندنا في أن جميع القوانين التي سُنّت في عدد من الدول الأوروبية وفي كندا والولايات المتحدة، والتي تجرم انتقاد إسرائيل، وتجعله موازيًا لمعاداة السامية هي نتيجة جهود هؤلاء السياسيين.

نكتفي بهذا المقدار إذ يمكن لمن يرغب متابعة أهداف المبادرة ونشاطاتها. ما بودّنا الإضاءة عليه هو ما يلي: أولاً، تحديد المشكلة، ثانيًا، تحديد طريقة المعالجة، ثالثًا، اختيار الطاقات، رابعًا تحديد الصديق والعدو، خامسًا، تحديد أسلوب العمل وتأمين مستلزماته. هذه المبادرة هي واحدة من مئات المنظمات الدولية السياسية والخيرية التي تؤمن شبكة أمان لإسرائيل تحميها من المساءلة حيال جرائمها بحق الفلسطينيين طوال أكثر من قرن.

في مقالنا السابق، مواجهة التغول: القوميون في المغتربات، قلنا إن إسرائيل تعمل يوميًا لضرب مقومات وجود الفلسطينيين تمهيدًا لطرد أكبر عدد منهم. الهدف الأولي واضح أمامنا. المطلوب بناء عدّة العمل.

هامش: هذه الخطوة ضرورية اليوم، كما كانت ضرورية منذ عقود، وستبقى ضرورية في المستقبل القريب والبعيد.

0
0