المشهد
يسقط رئيس أسبق للحزب في الانتخابات. الجواب، شنكر أسقطني!
تأتي نتيجة الانتخابات اللبنانية كخاتمة لسلسة من القرارات الخاطئة منذ أيلول 2020 لقيادة حزبية. الجواب على لسان رئيسها، كما يلي: “تتضاعف الشجاعة بالجرأة، ويزداد الخوف بالتردد. القوميون ليسوا بمترددين، بل شجعان يملكون ثقافة البناء والمواجهة: بناء ما دُمّر ومواجهة ما أُفسد. إن عملية البناء وما سيرافقها من مواجهات هي الطريق التي علينا أن نسلكها معاً لنصل إلى حزب أقوى.” لاحظوا تجهيل الفاعل، ولنا عودة إلى ذلك.
مقرر المحكمة الحزبية العليا السابق، ينتقد القيادة الحالية التي كان بضمنها، بعبارات مثل هذه: “لن ينتظر القوميون أربعة عقود لينقذوا حزبهم من الإهانة التي جلبتها عليهم قياداتهم.” أو هذه: “أنه لأمر مزعج جدًا أن تعكف السلطة الحزبية، بعد الفشل الكبير والمهين الذي جرت الحزب إليه، رغم التحذيرات المتكررة على فشل الاتجاه والمسار الذي اتخذته وبالرغم من النقمة العارمة من الصف الحزبي، وبالرغم من حالة الشلل التي ضربت المنفذيات والمديريات، أن تعكف السلطة الى تشغيل “فقاسة الأمناء”، كما كانت العادة سابقًا، لتمتين وضعها و”تقطيع المرحلة“.
يصدر بيان عن لقاء تم في أحد المناطق اللبنانية تنبثق عنه لجنة من أربعة أشخاص يدعو إلى “السعي لوحدة حزب النهضة السورية القومية الاجتماعية على اسس شرعية ودستورية ونضالية وعلى أساس انتخابات ديموقراطية عبر المجلس القومي الراهن وانبثاق قيادة جديدة وإعادة بناء الوحدات الحزبية وتفعيل المحكمة الحزبية.” ومن ضمن البيان المقتضب، ترد أمور أخرى لا خلاف عليها، مثل “اتخاذ مبادرة لتوحيد كافة المجموعات المعارضة والساعية لإصلاح الاداء الحزبي” و”بإقامة اتصالات مع كافة التنظيمات الحزبية القائمة دون استثناء”.
أحد الذين وردت أسماؤهم من الأشخاص المعروفين برفضهم القاطع لكل المراكز الحزبية القائمة، بما فيها المجلس القومي. تتصل لتسأله ما إذا كان البيان صحيحًا؟ يدخل معك في جدل عن “الخلفيات التي رافقت الاجتماع”. وكلما حاولت أن تفهم منه ما إذا كان هذا موقفًا جديدًا له، وما إذا كانت الفئة المعارضة التي هو في قيادتها من ذات الرأي، يستفيض في شرح فوائد ما لا خلاف حوله. وحين تصر على معرفة موقفه يتهمك بأنك “بلا أخلاق” وأنك “تحاول تلبيسه شيئاً هو غير موافق عليه.” وحين تذكّره أنك تقرأ ما كتبه ونشره هو، يغضب عليك ويطلب منك إنهاء المكالمة!
ما هو الخيط الذي يربط صور هذا المشهد وسواه مما يمر بنا كل يوم؟ الخيط هو “الهرب من تحمل المسؤولية“. فلولا شنكر لما سقط فلان. وعلتان غير مسؤول عن تدمير الحزب وإفساده وصولا إلى حيث هو الآن، مع أنه في قيادته منذ سنتين، وشارك في قيادته لسنوات خلت. والآخر لا دخل له في قرارات المؤسسة التي كان مسؤولاً أعلى في جهازها القضائي، فهو قد استقال دون أن يترك أي أثر في مسؤوليته، بل يؤخذ عليه أنه كان يفتي في السياسة والإدارة مهملاً شأن القضاء الذي هو مسؤول عنه. والرابع غير مسؤول عن بيان يرد اسمه فيه كواحد من لجنة رباعية إذ أنه غير موافق على الرأي الذي صدر في البيان!
وفيما هذه الآراء تتخبط، تسمع من يقول لك كلامًا لطيفًا جميلاً عن ضرورة “وحدة الحزب”، وانتظار خطط القيادة الحالية للإنقاذ، وأن الحزب يمر في وضع صعب، فيما آخرون يدعون لاستقالة كل هؤلاء دفعة واحدة.
هذا هو المشهد. هل من مخرج؟ في اعتقادنا أن نعم.
نحن مع أن تتحمل جميع القيادات القائمة وفي شتى التنظيمات مسؤوليتها وتقدم استقالتها، ولكن لمن؟ إن جميع المؤسسات القائمة مضروبة، من مجالس عليا وسلطات تنفيذية ومجلس قومي. كلها بدون استثناء. المخرج هو أولاً بيد قيادة الروشة إذا كان لم يزل يوجد لديها ذرة من حس بالمسؤولية فتدعو إلى ما يلي:
- وقف العمل برتبة الأمانة لمرحلة مؤقتة
- انتخاب لجان مديريات جديدة، ومندوبين عنها، خلال ثلاثة أشهر، تمهيدًا لانتخاب مجلس قومي جديد
- دعوة جميع الرفقاء المنكفئين للالتحاق بمديرياتهم كشرط ضروري للمشاركة في العملية الانتخابية
- ينتخب المندوبون قيادة مؤقتة ممن تنطبق عليهم شروط رتبة الأمانة
- تكون مدة القيادة المؤقتة سنتين يتم فيها مراجعة الدستور الحالي وتعديله حيث يلزم
- كذلك تتم مراجعة سجلات الأمناء بغية تنقية هذا الجسم من الشوائب.
ويمكن لهذه القيادة أن تشكل هيئة من الرفيقات والرفقاء المشهود لهن ولهم بالكفاءة والنزاهة أن يتولوا هم الاشراف على العملية الانتخابية.
لماذا قيادة الروشة، بالرغم من كل تحفظاتنا على أدائها؟ لأنها الجهة التي تحمل الوزن الأكبر من القوميين بين كل الفئات الموجودة، علما أننا نعتقد ان المنكفئين عن العمل الحزبي هم أكبر بكثير من جميع المنضوين تحت كل التنظيمات مجتمعة.
هل أن قيادة الروشة مستعدة لخطوة كهذه؟ لا ندري، ولكنه المخرج المشرّف الوحيد أمامها. فنحن ضد اعتماد المجلس القومي الحالي لأسباب نشرناها في أكثر من مقال وندوة، ونحن ضد أن تقوم مجموعة تقول “أنا القيادة شرفوا والتحقوا بي”. المخرج الوحيد المشرف هو في الطلب من القاعدة الحزبية ان تتحمل مسؤولية اختيار قيادة جديدة تقطع مع الماضي، وتضع الجميع أمام مسؤولياتهم.
هذا هو المخرج المشرّف الذي يمكّن هذه القيادة من القول، “نعم، لقد أخطأنا كثيرا، ولكننا نتحمل مسؤولية خطئنا ونسعى لإصلاحه.”
هذا هو المخرج المشرّف، هل هناك من لديه الجرأة للأخذ به؟
4 Comments
اذكر جيدا حين كان رجال الاعمال الصغار ومعقبي المعاملات يحملون شنطة صغيرة مليئة بالسحابات ولكل سحاب دوره ووظيفة ..ورغم ما كانت تتمتع به تلك الشنطة الصغيرة من مزايا وظيفية تجد بعضا من حاملها مرتبكا دون اي ترتيب مبعثرا كل اوراقه ليصبح شكلها نافرا حتى من بعيد وهو مزهوا في الوقت نفسه حاملا شنطة لا يستعملها عادة سوى رجال اعمال او معقبي معاملات .هذا هو خلاصة الوضع القائم وهذا رأيي بما آلات علبه الاوضاع بعد ان تحولت من السئ الى الجحيم ..اما البحث عن مخرج مشرف بعد ان ترددت في هذه المقالة مرات وهي دليل نابع عن نزيف من وجع وٱلم ..فلا اجد غير الصلاة والبحث عن كلمة مشرف والمفقودة اصلا قبل اي كلمة وخصوصا كلمة مخرج كونها غير موجودة منذ بداية الازمة الاساس ..
هذه الاقتراحات
جدية
عملية
سهلة التطبيق اذا تواجدت النية والارادة
وليست استفزازية
جيد جدا
تحيا سورية
لتحي سورية
كما أرى أن هذا المقترح فيه فرصة لاثبات الشجاعة، في حال تم تبنيه من الجميع، ويحفظ ماء وجه من أجتهد وأخطأ، ولمن أساء بدون قصد أو عن جهل أو تغرير.
وأكرر ما ختمت به رفيقي أسامة: “هذا هو المخرج المشرّف الذي يمكّن هذه القيادة من القول، “نعم، لقد أخطأنا كثيرا، ولكننا نتحمل مسؤولية خطئنا ونسعى لإصلاحه.”
هذا هو المخرج المشرّف، هل هناك من لديه الجرأة للأخذ به؟”
[…] على مقالي السابق “ملاحظات على المشهد” وردتني العبارة التالية من مسؤول حزبي: “التنظير […]