لتكن هديّتهّن: الثامن من تموز….. والرفات. بقلم سميح الحلبي

Share

إلى جانب جرح الأمة العظيم في غياب سعاده، وإلى جانب جرح الرفقاء الذي يولد في قلوبهم مع بدايات التعرف على العقيدة

القومية الاجتماعية وباعث نهضتها؛ هناك جرح من نوع آخر لم يدركه الكثير منا، ولم يتلمس عمقه وجوانبه واتساعه المستمر على مدى العقود، وهو جرح عائلة أنطون سعاده الصغيرة. إنه جرح طفلاته اللواتي حرمن من عطف ورعاية الأب، وجارت عليهن الأيام والظروف، كما جار “ذوي القربى“.

في مسألة رفات “الزعيم”، والأصح القول، رفات أنطون خليل سعاده، لأن للزعيم مفهوم واضح في فكر سعاده وعقيدته فهو مصدر السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو المعبّر الأوفى عن حقيقة ووجود الأمة السورية، وخالد بخلودها، ولا رفات له.

لقد فاتنا وفاتَ معظم القوميين الاجتماعيين خاصة على مستوى الإدارات الحزبية المتعاقبة، كما على المستوى الفردي لدى غالبية الرفقاء، لقد فاتهم أن الرفات ليس إلا جسدًا باليًا لم يعره سعاده نفسه الأهمية والحرص والاهتمام الذي توليه الآن الإدارات الحزبية وغالبية الرفقاء. حيث تحولت مسألة الرفات إلى نزاع وصراع وتجاذبات يبالغ كل طرف في حرصه عليه من جهة، أو في استغلاله وإعلان حقه به من جهة ثانية. بينما المعني المباشر والذي يجب أن تشكل عنده وحده هذا الاهتمام الكبير هو تلك العائلة الصغيرة، وهن تلك الطفلات الصغيرات اللواتي لم تبارحن قلوب تلك السيدات والرفيقات الفاضلات، ولا زلن منزويات في زوايا القلوب تكابدن الصبر والانتظار لأن تَلْمَسْن أو تتحسّسن جزءًا أو بقايا ممن حرمن منه مذ نعومة أظافرهن.

حبذا لو تستفيق بعض العقول القيّمة على الموضوع وتدرك بأن قضيتنا الأساسية هي بعث النهضة، وهي الحرص على الفكر والنهج الذي أرساه سعاده، ولم تكن في يوم من الأيام حرص وتقديس لشخص أو جسد أو رفات.

كيف انطلت علينا تلك البدعة؟ كيف حولناها إلى قضية جوهرية؟ وأدخلناها في صلب فكر ونهج صاحب الدعوة في حين لم تصدر عنه أي إشارة أو توجيه أو موقف بهذا الخصوص.

حبذا لو تسحب من التداول هذه المسألة، وينصرف القوميين الاجتماعيين فقط إلى قضيتهم الأساسية في بعث النهضة.

حبذا لو تفعل المحبة القومية الاجتماعية فعلها في القلوب والنفوس، وتقدّم الرفات هدية حصرية وغير مشروطة إلى تلك الطفلات اللواتي لم تبارحن ركن الانتظار الموحش، ولتأخذنّ وقتهنّ في الاحتضان، في ذرف الدموع وإضاءة الشموع، وليستغرقن في النوم في ذلك الحضن وإلى جانب تلك الذراع، وليتحسّسن ذلك الوجه الباسم أبداً.

حبذا لو تكون الرفات هديتهن في هذا الثامن من تموز، أو أي ثامن من تموز ليتجاوزن فيه “بحر الظلمات”، وما يصعب أو يحلو في المقبل من الحياة.

حبذا لو تكون الرفات هديتهن، ويوارونها الثرى في مكان سريّ لا يدركه أو يعرفه أحد غيرهن. لأنه لهنّ وحدهنّ هذا الرابط الجسدي والعاطفي والمعنوي.

ولنا، وللقوميين وللسوريين جميعًا، رحاب الرابط النفسي والفكري والعقائدي والروحي مع مؤسس النهضة السورية القومية الاجتماعية.

كيف لنا أن ننعم وينعم أولادنا بلحظات الوداع، كيف لنا أن ننعم بالنظرة الأخيرة، والقبلة الأخيرة، واللمسة الأخيرة لمن يفارقوننا، كيف لنا أن ننعم بالصلاة وبإضاءة الشموع ووضع الورود!؟ كيف لنا أن ننعم بكل هذا ونحرم بنات زعيمنا منه!؟

لقد قلتها سابقًا لأحد الرفقاء الأصدقاء في نقاشنا حول هذا الموضوع؛ أن الحزب أو المؤسسة التي تعجز عن احتضان ورعاية وإنصاف عائلة أنطون سعاده الصغيرة، كيف لها أن تنهض بأمة!

ومجددًا: على مجموع القوميين أن يفقهوا الفرق بين الحفاظ والحرص على جسدٍ بالٍ، وبين حمل قضيتهم الأساسية وبعث النهضة والحرص على العقيدة.

لنكن جديرين بهذا الإيمان، وهذا الحمل، وهذه الرسالة العظيمة.

الثامن من تموز 2019.

 

0
0

0 Comment

S George 3 أغسطس، 2019 - 3:20 م

100%

Post Comment