من خلال متابعة صحيفة الأخبار التي تتابع أحوال أهل الممانعة، على تعدد تصنيفاتهم، مع تحفظي على التسمية حيث الممانع هو من ينتظر تسوية أفضل مما هو مطروح، إلا إذا حصرناها بالأنظمة التي لديها التزامات دولية لا تستطيع التملص منها، يحوز الحزب السوري القومي الاجتماعي على اهتمام الصحيفة نظرًا لجذرية الطرح الفكري، ولمسيرة الحزب المشرفة في مقارعة الصهاينة والانتداب من قبل، كما والحالات السياسية المتعفنة التي ظهرت بعيد سقوط السلطنة والتي ساهمت اسهامًا كبيرًا في ضياع فلسطين.
على ما يبدو أن ملف أنطون سعاده زعيم الحزب، الذي تم إعدامه من قبل أهل الميثاق الوطني قبل ثمانية عقود، يتم تناوله وهذه المرة بإدخال العناصر الداخلية التي من الممكن أن يكون لها دور بالتخلص من سعاده بحيث تستكمل دائرة الانقلاب الذي حدث خلال اغترابه القسري.
ماذا يعني هذا الامر بالنسبة لجموع القوميين الاجتماعيين من ذوي الرابطة القومية والوجدان القومي والعمل المناقبي الذي بدونهم لا فلاح لأي عمل عام مهما رافق عملهم من بصمات تركوها على مدى تاريخهم النضالي.
يعني ذلك امرًا واحدًا، أن المسيرة الحزبية عندما تقع في المحظور، على القوميين ألا يقبلوا إلا بتصحيحها وفقًا للأصول التي اعتمدها دستورهم، ووفقًا لما قام به سعاده أثناء مواجهة الانحرافات ومحاولات تمييع القضية القومية بإدخالها ببازارات السياسة، مهما تكن المنافع التي على ما يبدو دائمة الاقتصار على أفراد مهما كثر عددهم، والقول بتسويات قبلية من تبويس لحى للوقوف على خاطر حليف من هنا وصديق من هناك، إنها بمثابة ذر الرماد بالعيون وتأجيل الصدام، الأمر الذي يؤثر على مسيرة الحزب ويميع القضية برمتها.
ما يميز فكر سعاده والحزب الذي أطلقه لبعث نهضة، هو الطرح الجذري لمشاكل الأمة، ووضع الحلول الجذرية لتجاوز تلك المشاكل وحشد الطاقات لتوسيع دائرة الوعي والوصول الى الشعب. أي طرح آخر ما هو الا تزوير للحق ويمكن لمن يريد اعتماده أن يعفي نفسه من قسمه وينخرط في كيانات سياسية يجد فيها خلاصه هو، لأن خلاص الأمة موجود في منهج اعتمده الزعيم سعاده منذ اللحظة الأولى، ألا وهو عدم مسايرة الباطل مهما كانت الفوائد التي قد تجنى من وراء ذلك، وربط العمل السياسي بمصلحة الامة والمجتمع ككل، منهج لا تستطيع تنكبه إلا أكتاف الجبابرة، كما حال جنود الميدان، ونتيجته حتمية نصر أو شهادة.
في المحصلة، شكرًا للجريدة الغراء، وللأقلام التي تفتح ملفاتنا الشائكة، عل وعسى يبنى على الشيء مقتضاه بدل الاكتفاء بتمجيد الشخصيات والقادة، بحلوهم ومرّهم. ولنتذكر أن الغاية الأساس من وجود نواد عامة من أحزاب وجمعيات، إنما هو الخير العام والصالح العام، وما يقدمه الأفراد ما هو ليس إلا واجبًا آثروا القيام به بعامل الوعي الذي أحدثه داخلهم هذا الفكر أو ذاك.