سرُّ سوريا..

Share

“لو طالع بإيدو

بِيْها الأيام

بيلبس الأسود

ياسمين الشام.” الشاعر عماد زهر.

تسع كلمات تختصر المشهد كله. ياسمين الشام، رمز الحب والفرح، يتشح بالسّواد حدادًا على ضحايا زلزال الوطن السوري من طوروس شمالاً إلى دمشق والمناطق الجنوبية.

في المقلب الأخر، ترى “دال عونات” وفزعات من قرى الجنوب، والغرب وبيروت والشمال إلى كل دسكرة في الشام؛ من العراق من الأردن من فلسطين المحتلة، تسري كالدماء في شرايين عريضة ودقيقة وجهتها المناطق المنكوبة. دفق، بل سيل يجرف الحدود الاصطناعية قائلاً نحن جسم واحد وقلب واحد مهما قسمتنا الأيام وقست علينا الظروف.

وتسمع عن عسكري أوقف سيارة محملة بالمعونات خمس دقائق توجه فيها إلى مهجعه وعاد بكيس أرز ليسند به جائعًا. وتسمع عن رسامين وأدباء يعرضون إبداعهم عونا. ترى الجاليات السورية في شتى أنحاء العالم تجمع التبرعات، تضغط على سياسيين عقوقين ليرفعوا أظلم العقوبات عن أم الحضارات.

تُنتشل طفلة وأخوها بعد أن حمته بكتفها لساعات، تفرح سوريا كلها. يموت طفل، تبكي سوريا كلها. وهناك، بين بسمة ودمعة، يختبئ سر سوريا.

ليس هناك من وطن في العالم يحمل هذا الحب، ويعطي هذا الحب، رغم كل شيء. منذ فجر التاريخ وسوريا تعطي بحب وفرح. كل يوم نكتشف عطاءً جديدًا من تحت طبقات التاريخ: تصحيح لأسطورة حواء وآدم بما ينفي الذنب والخطيئة ويحولهما بطولة وعطاء. قطعة آجر صغيرة عمرها آلاف السنين، تغير مجرى فهم الرياضيات وتقوّمه. قطعة موسيقية من فجر التاريخ تتحدى من يفك ألغازها.

وليس هناك من وطن كان من استفاد منه عاقًّا به حاقدًا عليه كسوريا. اشطب هذه العبارة. فنحن نسامح وإن لم ننس.

ما هو سرُ سوريا؟ إنه كلمة واحدة من حرفين أولهما حاء. احزر الباقي.

ولماذا أكتب سوريا بالألف وليس بالتاء المربوطة؟ لأن سوريا لا تقيد. من حضيض يائها تشمخ ألفها كما نفوس أبنائها، لهذا نقول كل يوم، سوريا لك السلام. لهذا ندعو، “رب صن سوريا”، لهذا نقول مع كل شهقة، تحيا سوريا.

0
0

2 Comments

Hussein Bazzi 12 فبراير، 2023 - 3:51 م

حين انحنى الحجر …وبكى . تتراكم الماساة والمحن .بعد ان حل الدمار في حربها .واليوم دمار افظع من الحرب .زلزال دمر كل شئ الا عزيمة شعبها من لبنان الى فلسطين كما العراق وشعب الاردن .حين بلغ الجرخ المدى .حتى الزلازل وتلك الاتظمة لم تقوى على ارادة الحياة والبقاء فاستتسلمت . وشعبنا لم يستسلم رغم الحصار وليس سوريا وحسب .بل كل المنطقة .انه الصعود نحو درب الجلجله والمشي في جنازات جماعية .قد يكون القدر او الطبيعة او شئ من اعادة ديكور لارض هي بالاساس مهد الانبياء وكل الحضارات .نحن امام حضارة جديدة رسمها التاريخ من يومه الاول ان نقوم من تحت الردم كزهرة لوز في نيسان .رحم الله من مات وصبر كل عائلة ثكلى .

أسامة المهتار 12 فبراير، 2023 - 4:21 م

جميل. شكرا.

Post Comment