أن تؤمن بالإنسان المجتمع والفضائل المنبثقة عنه، متخذًا من قيم الحق والخير والجمال، نبراسًا ناشدًا المثل العليا في كل آن وأوان.
أن تؤمن بحقيقة التفاعل والاشتراك بالحياة مع من سبقوك، ممن وضعوا مداميك الحياة المدنية، وسعوا للانتاج فكرًا صناعة وغلالاً، وبفعلهم ذاك وضعوا لبنات العلم والمعرفة، عبر الحرف والتدوين، ومهدوا لثورة الزراعة بمعزقهم وألحقوا بها التخزين والتحويل والتبادلية لما يعرف اليوم بالصناعة والتجارة.
أن تؤمن بالصراع، لا لتؤمّن فقط حياة أفضل لذاتك، بل أيضًا لإدراكٍ أن الفرد لا يعدو كونه إمكانية، دون اشتراكه مع الآخر في الحياة لن يتأمن له الأمن والأمان والحرية والاستقرار. فالصراع لا يمكن أن يكون لذاته، فلا حرية بدون صراع ولا عدالة بدونه ولا مساواة وقيم وفضائل يمكن أن ترنو لها البشرية.
أن تكون سوريًا قوميًا اجتماعيًا، هو أن تسعى لوحدة بلاد رأى فيها الفلاسفة وعلماء التاريخ فاتحة المدنية الأولى، بعد مئات بل قل آلاف القرون من الارتحال والسعي بالأرض، بلاد لم تتشرنق يومًا ولم تنعزل أو تعتزل الحياة، بل أقدمت عليها بكل ثقة بالنفس وشكلت بصراعاتها بالداخل ومع الخارج، ألقًا ثقافيًا حضاريًا مازالت البشرية تتنعم ثمراته لتاريخه.
وأخيرًا وليس آخرًا، قوميتك الاجتماعية دون فعل محبة تفاعلية أفقية وعامودية، لن يكون لها ثمار تذكر، هذا إن أثمرت، لأن البغضاء لا تنتج إلا مزيدًا منها. وما يعيشه العالم اليوم من صراعات مميتة مدمرة قاتلة ليس إلا لنهج الأنا الذي اختطته أقوام جاهلية بنفسية منحطة، وجدت بحب البقاء مآلاً بذاته، فشيدت له صروحًا وبروجًا ثقافية، قدست عبرها قيم الاكتناز المادي بلبوس روحي مزيف، استطاعت تعميمه من خلال جهالة تلاميذ من ثاروا بعد فقدان الطليعة، فضمنت بذلك استمرارية ما تصبو إليه.