الخطة أولا
يقترب موعد مرور سنة على انتخابات 13 أيلول 2020، في الحزب السوري القومي الاجتماعي. أن جردة حساب لهذه السنة هي أمرٌ مهم. فبعد الانتخابات مباشرة، نشرنا على صفحات هذه المجلة عددا من المقالات نذكر منها اثنين: “سلطة الأمر الواقع”، و”فسحة هدوء”. أبرز الأفكار التي وردت في هذين المقالين، والتي يمكن أن تساعدنا في المراجعة هي التالية:
- المجلس الأعلى المنتخب هو سلطة أمر واقع وللتحول إلى سلطة فعلية لا بد من كسب ثقة القوميين
- المدخل الأول لذلك هو التركيز على غاية الحزب
- وضع خطة حزبية من قبل خيرة عقول الحزب قبل تعيين مجلس للعمد
- تعيين محكمة حزبية مستقلة (إعادة الاعتبار للمحكمة التي نقضت قرار المجلس الأعلى) وفتح ملفات الفساد كلها بما فيهم أعضاء من القيادة الجديدة.
- ان تعتبر القيادة المنتخبة نفسها قيادة مؤقتة لمرحلة انتقالية.
- التحذير من قيام حرب شعواء بين الطرفين والخشية من إراقة الدماء بين القوميين.
هذه كانت أبرز الأفكار التي طرحناها. المسار الحزبي في السنة الماضية معروف. وصولا إلى نشر خبر استقالة رئيس التنظيم المعروف بمركز الروشة، وعودته عن الاستقالة، أو نفي الاستقالة جملة وتفصيلا، وذلك خلال اليومين الماضيين.
الغائب في كل هذا هو الخطة وتوقيتها. وهو ما سنركز عليه في هذا المقال.
منذ انتخابات سنة 2012 ونحن نطرح مسارا إداريا بديهيا تلتزم به جميع المؤسسات من حكومية وخاصة على السواء: حين تلمّ بالمؤسسة مشاكل كبيرة، وجودية، تقوم باستنفار خيرة عقولها من خارج المسؤولين الحاليين لتحليل الوضع القائم بموضوعية، ووضع الخطط للخروج من الأزمة. بعد ذلك تقوم المؤسسة بتعيين المسؤولين الكفؤ لتنفيذ خطتها وفق سلم أولويات ومقاييس. دور المسؤولين الحاليين أثناء تقييم المرحلة يكون في الإجابة الصادقة على الأسئلة التي تطرح عليهم استكمالا لما يعرف بعملية مسح البيئة تمهيدا لوضع الخطط.
هذا هو المسار البديهي، الذي أعدنا المطالبة به في أيلول الماضي وحذرنا من تعيين مجلس عمد بدون خطة، “يؤدي إلى نفس الوضع القائم منذ عقود: عُمُدٌ بسويات وقدرات متفاوتة يأتون ويذهبون، بدون خطة عامة، وبدون ميزانيات ولا رقابة ولا مقاييس، ويبقى الوضع على حاله.”
قبل أيام، قام رئيس تنظيم الروشة بحل مجلس العمد وبدأ البحث في تعيين مجلس جديد. وما نشر عن استقالة الرئيس له علاقة مباشرة بتلك العملية مهما تم نفي ذلك. السؤال هو التالي، ألم يحن الوقت للتعلم من دروس السنة الماضية؟ لقد عُين مجلس عمد، بدون خطة ولا ميزانية ولا رقابة ولا مقاييس. بعضهم استقال، بعضهم لم يُسمع له حس، بعضهم حاول وضع خطط لعمدته. ولكن ما جدوى ذلك في غياب الخطة الشاملة.
وضع الخطط ليس عملية سهلة. إنها تتطلب فريق عمل يقوده أخصائيون يبقون النقاش في مسار الهدف المطلوب إنجازه وفي الوقت المحدد لذلك. هناك الكثير من الخطط التي تبقى حبرا على ورق لأنها إما تُهمل الواقع أو تحاول تحقيق ما لا يمكن تحقيقه في فترة زمنية معينة. المطلوب خطة تنطلق من الواقع، وتهدف إلى الخروج منه استنادا إلى الطاقات المتوفرة وتلك التي يمكن تجييشها.
وبعد، لقد أنجز فريق العمل الذي كان في الروشة عددا من الأمور المهمة. وواجه ضغوطا كبيرة جدا داخلية وخارجية. هذه كلها تحسب له. في الوقت نفسه أهمل بديهيات عديدة أهمها وضع الخطة أولا، ومن ثم الاتيان بفريق عمل لتنفيذها.
وضع الحزب والبلاد لا يتحمل سنة جديدة نخسرها.
مقالات ذات صلة: