فسحة هدوء – رئيس التحرير

image_pdfimage_print

 

في خضم الاحداث التي تعصف بالحزب السوري القومي الاجتماعي نحتاج فسحة هدوء نراجع فيها ما حصل منذ الانتخابات الأخيرة كي لا نخطئ، جمعينا، الفائزون والخاسرون والمنكفئون وهيئة المؤتمر. في هذا المقال سوف نتوجه إلى كل هؤلاء.

الفائزون: يكمن خطر في تصرف الذين فازوا بالانتخابات الماضية لناحية اعتبارهم أن إزاحة حردان عن رأس نهج الفساد هو شرط كافٍ لإنقاذ الحزب. كلا، إنه شرط ضروري ولكنه غير كاف. النهج متجذر في الحزب وموجود داخل السلطة الجديدة وخارجها. هذه حقيقة لا يمكن نكرانها وسوف تتحدد المسؤوليات التاريخية استنادا الى التعاطي معها من عدمه.

يستغرب بعض أعضاء الفريق الفائز أن القوميين لم يلتّفوا حوله بسرعة ليسلموه قيادتهم. لم ينسَ هؤلاء القوميون أن أعضاء في هذه القيادة كانوا من المشاركين في نهج الفساد والمدافعين عنه. لقد كانوا من غلاة التجديد لحردان سنة 2016 وكانوا من أقال عضوين من المحكمة التي حكمت ضد تعديلهم غير الدستوري، فلا حرج على هؤلاء القوميين إن نفخوا اللبن.

نحن ننتظر تراجعا من هذه القيادة عن تلك الأخطاء واستعدادا لإعادة النظر بالقرارات التي أوصلتنا إلى حيث نحن اليوم.

من مظاهر النهج الفئوي الذي لم يخترعه حردان وإن يكن قد طوره إلى مستويات جديدة، اعتبار من يخالفه الرأي خصما إن لم نقل عدوا. هذا يتمثل في القول “لا أحد يلوي ذراعي”، أو “يدنا مفتوحة للجميع، يتفضلوا ولكن دون شروط”، أو “نحن السلطة الشرعية واللي مش عاجبو الله معه”، إلخ. على القيادة الفائزة أن تعترف بما يلي: إنها وصلت في انتخابات النصاب فيها بالكاد اكتمل، وفي ظل انكفاء أعداد كبيرة من مفكري الحزب والمخلصين لقضيته عن العمل النظامي لسنوات. وأن هذا الانكفاء سببه ممارسة بعض من هم في هذه القيادة حين كانت تحت جناحي حردان. لا يكفي القول، “لقد تجلّت لنا الحقيقة فجأة.” إن المفاعيل السلبية لعقود من “التخلي” لا تمحيها لحظة تجلٍ.

لهذه الأسباب كلها، دعا عدد من المخلصين هذه القيادة لأن تأخذ الخطوة الشجاعة وتعتبر نفسها قيادة انتقالية تعمل للإعداد لمؤتمر نوعي يعالج مشاكل الحزب رُمَةً وينتهي بانتخابات جديدة. إننا نقول لهذه القيادة إنكم إذا اخذتم بهذه الخطوة كسبتم ثقة القوميين وهذا هو بيت القصيد. عندها يزول الشك عند من يرى فيما حدث طلب للسلطة على حساب الحزب.

الخاسرون: لا نعتقد أن هناك جدوى من الكلام سوى القول، “كفاكم بهدلة لأنفسكم.”

المنكفؤون: هناك من يرى في القيادة الحالية مُخَلّصا ويريد العودة الى الانتظام في مؤسستها. جيد، هذا حق له. بعض آخر يفضّل الانتظار وهذا أيضا حق له، ولكن دعونا نحوله انتظارا إيجابيا منظما. ليكن الانتظار في وحدات مستقلة تختار مندوبين عنها إلى أي مؤتمر سوف يعقد ومن أية جهة كان. الانتظار المبعثر لا يجدي. القول إن القوميين هم مصدر السلطات لا يعني أن كل فرد هو مصدر للسلطات، بل يعني أن القوميين المنتظمين في مديريات ومنفذيات هم مصدر السلطات. في ظل الوضع القائم، ليس لأحد إطلاقا أن يدّعي شرعية كاملة، ولا يستطيع أحد أن يمنع القوميين من تنظيم أنفسهم. كل الشرعيات مُنتَقَصَةٌ لعلّة أو لأخرى. الشرعية الوحيدة هي تلك التي تنبثق عن هيئات يختارها القوميون أنفسهم.

هيئة المؤتمر: لقد انتُخبتم في المؤتمر الذي عقد منذ أربع سنوات. منذ ذلك التاريخ هناك سلسلة من الأحداث. إن إنجاح المؤتمر مهمة أساسية وهذا يلزمه جهود جبارة واختصاصيين. بالتالي، هناك عدد من الشروط لإنجاح المؤتمر أولها تعيين هيئة تحضيرية كفؤ، ثانيها عدم حصر الدعوات بأعضاء المؤتمر القومي الحالي فهذه العضوية اليوم لا تعني شيئا لكثير من القوميين، ثالثا، العمل مع القيادة الحالية لإنجاح المؤتمر والوصول إلى دستور جديد وقيادة جديدة.

لقد وعدت القيادة الجديدة بعقد ورشة عمل لوضع خطة للحزب. إننا نتأمل خيرا بهذه الورشة، ونتوقع أن يكون من ضمن مخرجاتها ما يزيل القلق الذي يمر به القوميون.

كل من هذه الخطوات يحتاج ضبطا للأعصاب وهدوءً في التفكير، ولكن الأهم من كل هذا أن نضع مصلحة سورية فوق كل مصلحة أخرى. إن لم نفعل، ليس لدينا من نلوم سوى أنفسنا.

في هذا العدد<< الخطيئة… والجريمة
2 4 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
6 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
فارس بدر
فارس بدر
3 سنوات

كلام منطقي ومسؤول.

جوزف الأسمر
جوزف الأسمر
3 سنوات

كلام عقلاني

ايلي عون
ايلي عون
3 سنوات

مقال جيد ومفيد ولكن هناك اليوم ” فسحة” للاصلاح كانت في السابق خطا أحمر. لهذا الذي يقف ” منتظرا ” الاصلاح هو مشارك في بقاء الفساد او في غياب الاصلاح. التركيبة التي ما زالت قائمة يشوبها الكثير من الفساد والتخلف وليس ،هنا والآن، سنتكلم عنها، ولكن على المصلحين والواعين الاسراع في عملية الانقاذ لا ” الانتظار”. مع احترامي ومودتي
لتحي سورية.