نص الكلمة التي ألقاها الرفيق الباحث جان داية في الندوة التي عقدت في دارة الأمين ايلي عون بضهور الشوير، لمناقشة كتاب شحادي الغاوي: “الاسباب والعوامل الحزبية الداخلية في تاريخ استشهاد سعاده…”
الحقيقتان الاولى والثانية: إذا كان كل حزب يتميز بناحية أساسية، فحزب سعاده تميز وامتاز برجحان كفة الثقافة في ميزان عقيدته والمؤمنين بها قيادة وقاعدة. ولكن مد ثقافته الكبير بدأ يتحول، في السنين الأخيرة، الى جزر خطير على صعيدي القاعدة والقيادة. فمعظم قرائه انتقلوا من وجبات الكتب الدسمة الى سندويشات الفايسبوك والفضائيات.. وقيادته انتقلت من رعاية الندوات الى إهمالها أو منعها، ولنا من هذه الندوة التي كان مقررا اقامتها في قاعة بلدية ضهور الشوير أحدث مثال.
الحقيقتان الثالثة والرابعة: منذ 8 تموز 1949 حتى 16 حزيران 2019، كثرت المقالات والتحقيقات الصحفية عن جريمة العصر، وقلّت الدراسات. من هنا أهمية كتاب الباحث شحادة الغاوي ذي العنوان الماراثوني “الاسباب والعوامل الحزبية الداخلية في تاريخ استشهاد سعاده وما بعده…قراءة نقدية في تاريخ صاخب”، بصفحاته ال 560، ذات القطع الكبير.
الحقيقتان الخامسة والسادسة: فيما تمحورت الكتب القليلة المماثلة على رئيسي الجمهورية والحكومة في بيروت ودمشق، يتمحور الكتاب على أميركانيا عبر الجنرال ميد، وعلى بعض قادة الحزب وفي طليعتهم جورج عبد المسيح.
الحقيقتان السابعة والثامنة: يعج الكتاب بكثرة الوثائق والمعلومات، لأن مؤلفه يصر على صدقية أحكامه وعدالتها. ولكن منهجه التحليلي غير الخالي أحيانا من الأحكام المسبقة، يدفعه الى تفسير بعض الوثائق والمعلومات بحيثيات تؤدي، أحيانا، الى أحكام قاسية، بل وظالمة كاعتباره افتتاحية غسان تويني “سعاده المجرم الشهيد” التي نشرها في “النهار” بتاريخ 10 تموز 1949، وسجن بسببها ثلاثة أشهر، وكأنها مثلبة لا مأثرة.
الحقيقة التاسعة: الباحث المهاجر – لن أقول المنتشر – ولو علق جبران باسيل مشنقتي، مترهب للثقافة لا للدولار. ومن علامات ترهبه طيرانه من سيدني وليس دار بعشتار 16 ساعة، وهو العصي مثلي على النوم في الطائرة، للمشاركة في هذه الندوة التي كاد عبوس الالهة أن يلغيها.
الحقيقة العاشرة: لست بحاجة الى استعارة سكسوكة المنجمين للتنبؤ بصيرورة هذا البحث العلمي مرجعا للباحثين عن جريمة العصر تماما كما غدا بحثه عن جريمة العروبة الوهمية التي أضاعت معظم فلسطين مرجعا.