يبدو ان السلطة في العالم العربي ذات منهج احادي لا يقبل القسمة على اثنين وإن تعددت أنماطه: ملكي، جمهوري، رأسمالي، اشتراكي، إمارة، دويلة، حزب حتى نقابة او نادي رياضي. هذا التصرف الأرعن من قبل سلطة اوسلو، حرف الصراع من منازلة مع العدو الى مناوشة بينها وبين الشارع الفلسطيني. على ما يبدو، الحناجر التي انطلقت ولفت الكرة الارضية متضامنة مع مقاومة الشعب الفلسطيني أرعبت محمود عباس وإدارته، فلجأ الى ما تلجأ له السلطة اينما وجدت بالتخلص من شخصيات يمكن لها ان تلعب دورا مستقبليا يتنافى مع نهج التنازلات الذي اعتمدته ونالت من خلاله النفوذ والمال ورضى الاعداء ورعاتهم في الخارج.
عودة الى الشهيد الذي سقط بين قبضات وجزمات وحقد الجهاز الامني لسلطة أوسلو. نزار بنات حالة قديمة عاشتها فلسطين طيلة فترة آل عثمان، اذ يعتبر نفسه فلسطينيا من جنوب سورية ويعتبر الصراع الذي تعيشه المنطقة ما هو الا استكمال لمشروع استعماري قديم لوضع اليد على مقدرات سورية من خلال تفتيتها واستفراد كياناتها التي قامت بعيد سايكس – بيكو وجعلها تتخبط بدمائها من خلال استنهاض المقدس المذهبي الذي يفضي الى تربع أتباع موسى على العرش الابراهيمي من جديد. ألم يطلق ترامب من خلال صفقة القرن نداءه الابراهيمي؟ ألم تواكبه معظم انظمة العرب؟ ألم يواكبه حتى البابا الرومي من خلال زيارته الاخيرة للعراق حيث عرّج على ما كان يدعى أور موطن نزوح ابراهيم حسب مزاعم التوراة؟ لقد كان صوت الشهيد بنات جهورياً في وجه الجميع: الاحتلال، سلطة اوسلو وحالات تفتيتية داخل المجتمع الفلسطيني تحاول اعطاء طابعا دينيا للصراع او كيانيا مناطقيا لا يلوي على شيء.
إن الغرب على دراية تامة بمفاتيح الشرق: زعامات بدوية تضحي بكل شيء من اجل سلطانها وله بالشريف حسين وأنجاله المبجلين المثال الاسطع منذ محادثات حسين / مكماهون. وها هي بداوة محمود عباس تتجلى من جديد وكان الضحية هذه المرة ليس مصلوباً ولا معدوماً بمحاكمة صورية، بل بصلافة وحقد جماعة الثلاثين من الفضة الذي نأمل ان لا يُغفر لهم لان هؤلاء يدرون ما يفعلون.