معرض “وحوش نوح” في نيويورك-توما توما

Share

 منحوتات الحيوانات الرافدية

 ينظم متحف ومكتبة مورغان في مدينة نيويورك الأميركية معرضاً فنياً آثارياً تحت عنوان “وحوش نوح: منحوتات الحيوانات في بلاد ما بين النهرين القديمة”، يتضمن تماثيل نحتها فنانو بلاد ما بين النهرين كوسيط تعبيري يحمل رؤيتهم إلى عالم الطبيعة الحيوانية وصلته بحياتهم الاجتماعية ومعتقداتهم الدينية. ويستمر المعرض والنشاطات المرافقة له لغاية  27 آب  2017.

تغطي التحف المعروضة الفترة الممتدة من سنة 3300 إلى سنة 2250 قبل الميلاد، وكلها تعود إلى منطقة ما بين النهرين وتم الكشف عنها في حملات تنقيب ترجع إلى أكثر من قرن. ويجمع المعرض للمرة الأولى منحوتات وتحفاً أحضرت من عدد من المتاحف والغاليريات والمجموعات الخاصة في الولايات المتحدة الأميركية. وترافق المعرض محاضرات وشروح مسهبة توضح الجوانب الفنية للقطع الآثارية، إضافة إلى تبيان الأبعاد الاجتماعية لعلاقة الإنسان الرافدي القديم ببيئته الطبيعية.

تظهر الملامح الفنية الدقيقة للمنحوتات كيف أن الفنان الرافدي القديم نظر موضوعياً إلى عالم الطبيعة المحيطة به، وإلى الحيوانات التي تجاوره في هذه الطبيعة. وقد حمّلها في الوقت نفسه مضامين اجتماعية تعكس جوانب من معنقداته الروحية. ولذلك نجد، على سبيل المثال، أن بعض الحيوانات تمتلك ملامح بشرية أو تقوم بأعمال هي من اختصاصات الناس وقدراتهم.

ومن الملفت للنظر أن المعرض ضم قطعتين لا تمثلان الحيوانات مباشرة، وإنما لهما علاقة غير مباشرة بالموضوع الأساسي “وحوش نوح”. القطعة الأولى عبارة عن كسرة من لوح طيني يحمل كتابة بابلية بالحرف المسماري تقدم لنا الصيغة السومرية القديمة لأسطورة “طوفان نوح”. والثانية هي ختم دائري يصّور بطلاً أسطورياً يواجه مجموعة من الأسود التي تهاجم بعض الحيوانات المدجنة.

وتبيّن لنا المعروضات أن الإنسان الرافدي تعامل مع الحيونات المحيطة به بأسلوبين: إما أنها جزء من حياته يسعى لرعايتها وحمايتها، أم أنها معادية عليه أن يواجهها بكل الوسائل المتاحة. لكن هذه الحيوانات، في الحالتين، هي بعض من هذه البيئة التي تحمل مضامين ماورائية مؤثرة. ولا غرابة عندئذ في أن يجيد الفنانون القدامي في إبداع منحوتاتهم وإعطائها مزايا خاصة جعلتها تتخطى عوامل الزمن المديد.

 

 

0
0