محمد مرسي- نورس الديب

Share

توفي في السابع عشر من حزيران الرئيس المصري الأسبق، محمد مرسي، أثناء جلسة محاكمته في القاهرة. وقالت السلطات المصرية إن سبب الوفاة هو ذبحة قلبية. وخلفت وفاة مرسي، بعد ست سنوات من اعتقاله، ردود أفعال  رسمية متباينة. فقد اعترفت إيران، على لسان حسين أمير عبد اللهيان، المستشار الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني، بأن مرسي ارتكب أخطاءً أثناء فترة رئاسته، إلا أنه وصف وفاة مرسي “بالمشبوهة” و”بالموضوع المؤسف”، متقدمًا بالتعازي لعائلة مرسي ومحبيه. أما تميم بن حمد، أمير قطر، فقد وصف وفاة مرسي بالمفاجئة، واصفًا إياه بالرئيس السابق ومتوجهًا بخالص العزاء لعائلة مرسي والشعب المصري.

أكثر المواقف تعاطفًا مع مرسي جاءت على لسان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي شارك في صلاة الغائب على روحه في أنقرة، حيث وصفه بـــ” أحد أكثر مناضلي الديمقراطية في التاريخ”! ولم يفوّت أردوغان الفرصة لمهاجمة السلطات المصرية حين قال، “فلتستعر الجحيم للقصاص من الظالمين” مشيرًا إلى أن هناك في تركيا من يتربص به كما تربص السيسي بمرسي.

ولم تخفِ كل من حماس وحركة الجهاد الإسلامي حزنهما على رحيل مرسي. حيث نعى موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس، مرسي، على موقع تويتر بالقول “إنتقل لرحمته تعالى رئيس مصر العربية السابق، إنتقل من ضيق الدنيا وعنائها، الى سعة الاخرة وعدالتها. أبو أحمد، سوف تذكرك الأجيال بانك دافعت عن فلسطين وصادقت حماس وعاديت اسرائيل. نحن لن ننسى مواقفك في حرب غزة 2012، ولا وقوفك مع القدس والمقاومة، الوصية الخالدة التي أوصيتنا بها عند اللقاء”!

أما حركة الجهاد الإسلامي، فنعت مرسي في بيان لها جاء فيه “أمضى حياته مدافعا عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس”!

وزارة الخارجية السعودية، من جهتها، استغلت موت مرسي لتهاجم حركة الإخوان المسلمين في بيان لها. وقد أشار البيان إلى أن “الإخوان” أنتجت تنظيمي القاعدة وداعش، وأنها بنظر السعودية جماعة إرهابية. ويضيف البيان، “الإخوان تعتمد العنف لتحقق مكاسب سياسية، وتدّعي كذبا بأنها تمثل الإسلام المعتدل، وعملت على بناء تنظيمات تنفذ الإرهاب، وتعاونت مع نظام الخميني المتطرف في إيران.”

في تونس، كان لافتًا موقف النائب فاطمة المسدّي التي اعترضت على طلب كتلة النهضة في البرلمان التونسي قراءة الفاتحة على روح مرسي، داعية رئيس المجلس الى اعتبار حركة النهضة في تونس حركة إخوانية إرهابية إذا كانت مؤيدة للإخوان المسلمين.

أمام ردود الأفعال هذه، تتوارد إلى أذهاننا الأسئلة التالية: هل كان مرسي، فعلًا الرئيس المخلّص الذي كانت مصر بحاجة إليه؟ كما نتساءل، من وجهة نظر إدارية بحتة، عما إذا كان عام واحد كافٍ للحكم على نجاح أو فشل رئيس ما؟ ما سر الغزل والتعاطف الكبيرين بين إيران وحركة الإخوان المسلمين؟ هل هو تبني كلاهما لفكر إسلامي محافظ، أم هناك شيئًا ما خلف المشهد؟ ما الجامع بين أردوغان ومرسي سوى التعصب الديني وتبني كلاهما لفكر متشدد ينبذه المنطق والفكر السليمان؟ كيف تتذكر حماس وقوف مرسي معها في حرب الثمانية أيام في غزة وتنسى الموقف السوري المشرف معها منذ تأسيسها؟ أي حياة أمضاها مرسي في الدفاع عن فلسطين والقدس بحسب وصف الجهاد الإسلامي؟ وهل للقدس قضية مستقلة عن القضية الأم، فلسطين؟ وهل ننسى رسالة التودد التي أرسلها مرسي إلى جزّار قانا، شيمون بيريز؟

أما عن موقف السعودية، فإننا نستغرب كيف تهاجم السعودية حركة الإخوان المسلمين، وهي (السعودية) صاحبة فكر سلفي ينافس الفكر الإخواني في التعصب والانغلاق هذا إذا لم يتفوق عليه.

ختامًا، فإننا نقيّم مرسي كرئيس تبنى نهجًا وخطابًا دينيين لم ولن ينتجا سوى المزيد من التعصب والانقسام، ولعل خير مثال على ذلك موقفه من الشام في الحرب الأخيرة، وتأييده للجماعات الإسلامية فيها وقطعه العلاقات الدبلوماسية مع دمشق.

* نورس الديب، كاتب سوري يحمل شهادة ماجستير في القانون والعلاقات الدولية.

0
0