كما هو محرّم عليكم المقاومة الوطنية العابرة للطوائف محرّم عليكم أيضا الثورة الوطنية العابرة للطوائف.
ما تبين حتى الآن من ردود الفعل على الحراك الشعبي العابر للمناطق والطوائف وبأفق ثوري تغييري، هو أنهم لا مانع لديهم حتى من رد الأموال المنهوبة وحل كل المطالب الاقتصادية المستحقة، والتي اعترف الجميع من زعماء ومرجعيات دينية بأحقيتها، لكن كان يصعب عليهم جدا المرور على مطلب تغيير النظام السياسي ولو عبر تشريع قانون انتخابات على أساس النسبية والدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي. دون ذلك مهالك ومصاعب وفراغ وحروب وضياع ومؤامرات وسفارات وأموال وأهوال، ولسان حالهم يقول، “يا وَيْحَكُم من ذلك. لا مانع من تشكيل مقاومات طائفية وكل يختار عدوّه على ما يثمّن عجله حتى لو لم يعد هناك احتلال. على شاكلة ما يسمى المقاومة المسيحية والمقاومة الدرزية والمقاومة الإسلامية، هيك حتى إسرائيل لا تستاء كثيرا، ولا مانع من قطع الطرقات عبر الانتفاضات ذات الطابع الطائفي والجمهور الطائفي وجلب المال والسلاح السياسي من الخارج. هذه لعبتهم يتقنوها عبر اتهام بعض وجر أتباعهم إلى معارك جانبية تزهق أرواح وتزهق أموال. يديرون توازن الرعب بين بعضهم وحين يحين تقاسم الجبنة وفق ميزان القوى الراجح لجهة ما تستقوى بالخارج، يتنازل الزعيم الماروني مقابل أن يصبح رئيس الجمهورية، ويتنازل الزعيم السني مقابل أن يصبح رئيس حكومة، ويتنازل الزعيم الشيعي مقابل أن يصبح رئيس مجلس نواب، ويتنازل الزعيم الدرزي مقابل زيادة حصته وزير واحد وهكذا، وجعجع المتواري خلف الحراك، والمستثمر في ذلك، يعد العدة ليفاوض على منصب الرئيس، وغيره من الزعماء.
“وين رايحين” أكثر من مرة تم ترديدها وحتى المتوارين خلف الحراك يقولوها في محافلهم.
لم تستفق حتى الآن الطبقة السياسية الحاكمة من صدمتها لما حدث، لمشهد الحراك الشعبي العابر للطوائف والمناطق، لم يصدّقوا ذلك ولا يريدون أن يصدّقوا، ولهذا كل منهم ينظر بعين الريبة للحراك ويتهم زعيما سياسيا خلفه أو جهة خارجية.
لقد قام هذا الحراك بتعطيل حواسيبهم الطائفية الذين كانوا يعدّون أتباعهم عليها، وإذا انتصر يفسد اللعبة عليهم.
الثورة الوطنية العابرة للطوائف هي حكما مقاومة وطنية هي حكما سيادة وطنية هي حكما عدالة وطنية هي حكما دولة قوية وجيش قوي وبالتالي سحبتم كل القضايا المهمة من استغلالها واستثمارها من قبلهم.
احذروا جيدا
المقاومة الإسلامية من أمامكم والمقاومة المسيحية من خلفكم وخلفهما كل المقاومات الطائفية، وكلهم يصرّحون أنهم مع مطالبكم، وإسرائيل ترتعد منكم.
أخيرا كل من يستقوى على حراك شعبي سلمي إنساني هو بمثابة فصل سابع مشرّع ضمنيا من رغبة وأمنية مجلس الامم الكاسرة لتأتي وتستثمر بفصلها السابع المشرّع…
هذا الحراك صراع محموم بين جيل ما بعد الحرب الطائفية وبين قوّاد الحرب…