سمير اسحق
كانت ولادة سعادة عام 1904 قبسًا من نور، في ظلمة استعمار تركي استمر أربعة قرون بدون أن تقوم فيه ثورة واحدة ضده.
قرر سعاده أن يكون فصل الدين عن الدولة، أول خطوة من خطوات المواطنة التي أرادها لشعبه في سوريا. فنزّه الدين عن كونه أداة يتم استخدامها في استعمارنا متى شاء المستعمر، سواءً كان تركيًا أم فرنسيًا.. الخ. ولهذا الاستثمار الديني تجاره المحترفون. لهذا منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء. لكنه احتاط للتسلل من قبل تجار الدين الى عقول الناشئة فأظهر المشتركات بين الأديان، لكي يصبح جرّ الناس الى مقولة الدولة الدينية أكثر صعوبة من خلال خلق أدوات شعبية لمحاربة هذه الفكرة المدمرة لوحدة المجتمع.
كل ما يقال صحيح في إطار وحدة المجتمع السوري على أرض الشعب السوري. وكل ما يقال خاطئ في إطار الدولة الدينية التي تمتد خارج حدود الأمة السورية، وبالتالي تكون تابعة لمراكز دينية مثل الفاتيكان ومكة.
في هذا الاطار كانت ولادة سعاده ثورة على استعمار لم يثر عليه الشعب الذي استسلم لمقولة الدولة الدينية.
إن ميلاد سعادة بأفكاره، حاجة ماسة اليوم للشعب السوري، فالفكر التكفيري يستمد عناصره البشرية من تيار ديني يؤمن بمقولة الدولة الدينية ولا يريد دولة وطنية تتساوى فيها الحقوق والواجبات بين ابناء الوطن. فمفهوم أهل الذمة شائع بين قسم كبير من محمديي الأمة السورية، وبالتالي هم تلقائيًا ضد التساوي في الحقوق والواجبات أي أن مقولة فصل الدين عن الدولة هي ما نحتاجه اليوم لنؤسس لمواطنة السوري.
أما بالنسبة للكانتونات الطائفية، فقد أظهرت وقائع الأزمة الكارثية على الوجود السوري أن الكانتونية الطائفية متجذرة في الوجدان الشعبي، وما ينقذنا منها هو تفعيل مبدأ إزالة الحواجز بين الأديان والطوائف، لكي تستطيع العيش مع بعضها، ولذلك طريق واحد فقط وهو تكريس المشتركات بين الأديان، لتغيير البنية الثقافية المؤسسة للكانتونية، وهذا متاح إذا أرادت وزارات الثقافة والتربية والتعليم والسلطات الاعلامية. فهل تملك قيادات كيانات الأمة السورية أدوات تحويل شعاراتها الى واقع معاش؟