فرخ البطّ.. غرقااان!

Share

زيد قطريب

استبدَّ اليأس بأبناء البطات السود، فأرادوا أن يجدوا حلاً نهائيًا لحالة التنمّر وهضم الحقوق التي يتعرضون لها تاريخيًا.

في البداية، أرسلوا وفدًا إلى البطات البيض كي يشرح مدى الغبن الذي تعاني منها البطات السوداء في توزيع المراعي، وتنظيم أدوار السباحة في البحيرات، وبناء الأعشاش في أعالي الأشجار. لكن البطات البيضاء تصرفت وكأنها لم تسمع شيئًا. آذانها كانت “واحدة من طين وأخرى من عجين!”.

البطات السود تحدثوا عن وحدة الشعب “البطّي”، بغض النظر عن الطائفة أو اللون أو العرق. وقالوا إن فئةً من البطّ، “تَبَطْبَطت ورَبْرَبَت” على حساب الفئات الأخرى. ثم شرحوا كيف تمكنت رفوف البطّ، عبر آلاف السنين، من التحليق بحرية في الفضاء والسباحة في البُرك والتنزّه فوق مروج العشب، دون أن تختلف على ترسيم الحدود في السماء من أجل التحليق، ولا حدود الأرض من أجل المرعى. بل على العكس تمامًا، فإن كبرى العائلات البطيّة في ممالك البطّ الخالدة، تأسست بفضل عقود الزواج المدني بين البطات السود والبطات البيض. وهو ما كان له الفضل في ولادة جيل من البطّ الأحمر والمزركش والبنّي.

لم يتردد الوفد، في إخراج الوثائق التي تثبت إنقاذ البطات السود لأسراب أبناء جلدتهم من كمائن الصيادين، بفضل اللون الغامق الذي ساعدهم على التخفي في الليل. كما ذكّروا البطات البيض بالمعارك الكبرى التي خاضها أجدادهم جنبًا إلى جنب ضد الطيور الأكبر حجمًا، بدءًا من معركة الأشجار ضدّ الغربان، وصولاً إلى مقارعة الثعالب والتصدي لأسراب الإوز التي أرادت الاستحواذ على البحيرات. لم يغب عن أعضاء الوفد الحديث عن الأعشاش التي تم تحريرها كي تنعم الفراخ بمستقبل زاهر لا يعكر صفوه شيء!

زعيم البطات البيض، اتهم الوفد بعدم البراغماتية، والعيش على أمجاد الماضي التي أكل عليها الزمان وشرب. ورغم إقراره بالأخوة التاريخية بين البطات البيضاوات والسوداوات والسيرقونيات، لكنه قال إن الإخلال بتوازنات المنطقة، سيُفقد البط ما تبقى له من مكاسب متواضعة، وقد تضطر الفراخ للبحث عن سماء أخرى للتحليق!

اجتماعٌ حامي الوطيس، كان يُسمع خلاله صراخ “الوااك وااك” في جميع أرجاء الغابة والكيانات المجاورة، لكن  المجتمعونَ لم يصلوا إلى نتيجة!

سبحان من عدّل مقولة: فرخ البط عوّام.. لتصبح: فرخ البط غرقان!

عرفتوا كيف؟

0
0