عند الامتحان!

Share

أعلنت إحدى الجامعات العريقة، عن مسابقة لنيل رتبة رفيعة سموها “النجيب” ينالها المتفوقون من أصحاب الأخلاق العالية والفكر العميق والشهادات العليا، ثم وضعت جملة شروط منها النجاح في الامتحان الصعب المخصص لاختيار المناسبين لهذه الرتبة، الذين سيشكلون مجلسًا يكون له دور مفصلي في قيادة الجامعة والتخطيط الاستراتيجي لها إلى جانب مجلس الإدارة.

اشتغلت الواسطات والمحسوبيات، وهرع أعضاء مجلس الإدارة إلى ترشيح الموالين لهم كي يضمنوا مصالحهم في المرحلة المقبلة، خاصة أن مجلس “النجباء” سيكون له الكلمة الفصل في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة.

انشغلت وسائل الإعلام بالخطوة الجديدة للجامعة، وأكد الجميع أن القيادات الشابة المنتظرة من شأنها تصحيح المسار وتحقيق الأهداف ونقل الجامعة إلى المستوى العالمي المطلوب. كما عقد رئيس الجامعة وأعضاء مجلس الإدارة مؤتمرات صحفية أكدوا فيها نزاهة الامتحان وحرص المجلس على أهداف الجامعة في إعداد جيل من الخبراء والعلماء والفلاسفة.

في البداية، اقتصرت الترشيحات على المتفوقين الذين حققوا الشروط الصارمة لرتبة “النجيب”، وعندما أحس مجلس الإدارة بالخطر من نجاح أولي الألباب، بدأت الاستثناءات فترشح الطلاب من المستوى الجيد والوسط والناجحين “شحط”. الامتحانات كانت مصيرية بالنسبة للجميع، لأنها ستحسم وجهة الجامعة في المرحلة القادمة.

أجريت الامتحانات، ثم صدرت النتائج ففاز جميع المتقدمين. الفهمان والغبي والبلهموطي والوصولي والفاشل دراسيًا. بسبب تسريب الأسئلة من قبل أولي الأمر والألباب، الأمر الذي جعل الجميع متساوين وناجحين في هذا الامتحان الذي لا يفلح به سوى الأقحاح. وصل الأمر إلى وزارة التعليم العالي التي شكلت لجنة للتحقيق في الأمر حيث كان القرار يقضي بإعادة الامتحان!

المتميزون المبدعون، لم يمانعوا في إعادة الامتحان واثقين بما لديهم من قدرات. أما الطلاب الخروق الغشاشون فهستروا من فكرة إعادة الامتحان حتى لا يذوب الثلج ويظهر المرج على حقيقته المجدبة عندهم، فعارضوا الإعادة وبحثوا عن التبريرات التي تحول دون اكتشاف المعدن الأصيل من التنك المقرقع. حتى وصل بهم الأمر إلى طلب إلغاء فكرة اختبار المؤهلات نهائيًا والإبقاء على الواقع كما هو، أي نجاح الجميع بلا تدقيق أو تمحيص أو بحث، كي ينالهم من الطيب نصيب.. عرفتوا كيف؟

0
0