أبهجَ الصاروخ الصيني الضَّال، قلوبَ السوريين منذ اللحظة التي “فَلَتَ” فيها في الفضاء.. لكن الاحتفالات الفعلية لم تبدأ إلا عندما أعلن العلماء عن حتمية سقوط ذلك الصاروخ “الأجدب”، في فردوس هذا الشعب “المشحّر”.. فالمنطق يقول إنّ بشراً فضائيينَ مثلنا، يحتاجون موتاً فضائياً يضمن أن تصبح قصتهم سيرةً على كلّ لسانٍ في المجرّات!.
ما إن زفّت نشرات الأخبار بُشرى الصاروخ الذي “طاش حجره” في الكون، حتى سمعنا الشعب يصيح ملئَ صوته: “إجانا الفَرَج”.. فمِسْكُ الختام بصاروخ شيوعيّ هدفه اكتشاف درب التبانة، أرقى من “عصّة القبر” بصواريخ كروز الامبريالية التي تقتل من أجل السيطرة وشفط الثروات!.. هذه النقطة تسببت بنشوب جدلٍ أيديولوجي بين أبناء الشعب المغرمين بالسياسة والماورائيات، و”الفتيشة” الأولى كانت من رجال الدين الذين اختلفوا حول الموعد المحدد شرعياً لالتماس ظهور الصاروخ المخلص الذي اعتبروه من دلائل الساعة… السُّنة قالوا إن التماس الصاروخ سيكون في ليلة القدر لأنها خيرٌ من ألف شهر.. أما الشيعة فأكدوا أن الالتماس سيحدث في ذكرى استشهاد أمير المؤمنين لما له من أثر كبير في تاريخ الدعوة.. بعض الخوارنة ربطوا نزول الصاروخ بعيد القيامة وفق التقويم الشرقي، فيما رفض بعضهم هذا الموعد مفضلين التمسك بالتقويم الغربي.. آخرون قالوا إن هذا الصاروخ ملحد صُنع في بلد يعتقد الناس فيه أن الدّين أفيون الشعوب!. أما الحكومة فرأت أن ظهور هذا الصاروخ “الرفيق”، دليلٌ على عدالة قضايانا القومية وبالتالي لابد من التعامل معه وفق قاعدة “ضرب الحبيب زبيب”!.
.. الشعب الذي “صَوْرَخوهُ” بالتعتير والفقر والطوائف والفتاوى وكمّ الأفواه والتخلف، اعتاد على “سَفْق” الصواريخ، أيها السادة، ولن يغصَّ بصاروخ صيني “خروق” مصنوعٍ من بلاستيك النخب الثالث.. لأن الشعوب الضّليلة غالباً ما ترى في الصواريخ السماوية الضّالة، خلاصاً قدرياً يُفترض الاحتفاء به، خاصة عندما يستعصي عليها التدبيرُ مع صواريخ الأرض!.
..في السماء، أُصيب الصاروخ بالحيرة، وهو يشاهد الناس على الأرض ينتّفون بعضهم بسبب الخلاف حول بطاقته الشخصية والغيبيات التي أوصلته إليهم في هذه اللحظة بالذات!.. وباعتباره شيوعياً أبّاً عن جدّ، حاول أن يتخيل طبيعة “البنية التحتية” التي أفرزت “بنية فوقية” بهذا الشكل، لكن بلا جدوى، فأردف في سرّه: أولئك البشر فضائيون بالفعل!.
.. بما أن الصاروخ إيّاه، صينيّ ينتمي إلى فئة اليسار، يكفي أن نشير إلى الجدّ ماوتسي تونغ عندما قال مرةً: لا تفصّلوا أقدامكم على حجم الشحّاطات التي تشترونها، بل صنّعوا شحاطاتٍ على حجم أقدامكم التي وهبكم إياها سبحانه وتعالى، وذلك حتى لا تظلّوا حُفاة!… عرفتوا كيف؟.