بعد الحرب العالمية الأولى واستسلام تركيا، انعقد البرلمان العثماني قبل حله، في 1920، واصدر خارطة لما يعتبره الحدود القومية لتركيا، سميت “الميثاق الوطني
” (Misak-l Milli)، كما هو مبين في الخريطة المرفقة، حيث اعتبر أن الحدود الجنوبية مع سورية والعراق يجب أن تضم سناجق الإسكندريون وحلب والجزيرة والموصل والسليمانية، أي أنها تنطلق من كسب شمالي اللاذقية، حتى جنوب كركوك إلى الحدود الإيرانية
.
غير أن معاهدة سيفر في 10 آب 1920 حددت الحدود التركية السورية في خط يبدأ من خليج الإسكندريون وكيليكيا، ويضم مدن جيحان وبهجة وعنتاب والبيرة وأورفة
بعد اتفاقية لوزان، استمر الأتراك بالمطالبة بالموصل والسليمانية، وبقيت المفاوضات في عصبة الأمم، إلى حين توقيع اتفاقية انقره في 1926، التي قبلت فيها تركيا بالتنازل عن الموصل مقابل حصولها على 10% من عائدات نفط الموصل وكركوك لمدة 25 سنة. وقد استمرت تركيا تحصل على هذه النسبة حتى عام 1954، ثم انقطعت نهائياً بعد انقلاب 1958 في العراق. واستمرت الحكومات التركية المتعاقبة بتضمين موازناتها لهذه النسبة حتى عام 1974، عندما وقعت اتفاقاً مع الحكومة العراقية لتصدير النفط العراقي عبر أنابيب من العراق إلى مرفأ جيحان التركي، بأسعار مخفضة. ويقال إن أحد بنود اتفاقية انقره غير المعلنة كان ينص على أحقية تركيا باستعادة المناطق السورية والعراقية الواقعة جنوب حدود اتفاقية لوزان وضمن خريطة “الميثاق الوطني” في حال تفككت الدولتان العراقية والسورية، بناء على استفتاء سكان هذه المناطق.
وهناك عرف يتحجج به الرئيس التركي الحالي، أن معظم اتفاقيات عصبة الأمم، كانت مدة سريان مفعولها هو 100 عام، حتى لو لم يذكر ذلك في الاتفاقيات، كما هو حال
كل هذا الحراك التركي هو تحضير للمرحلة القادمة بعد مرور مئة عام على اتفاقية لوزان، بحيث يستطيع أردوغان أن يطالب باستفتاء سكان هذه المناطق حول الانضمام إلى تركيا، ويستعيد ما يستطيع منها، وبحيث تكون السياسيات التركية من الآن حتى 2023، هي تحضير الأجواء الشعبية قدر الإمكان لتكون نتيجة هكذا استفتاء في حال حصوله، إيجابية لصالح الانضمام إلى تركيا.
لا بد من أن تأخذ الحكومتان العراقية والشامية هذه الحقائق بعين الاعتبار لإفشال مخططات اردوغان، وعدم السماح له باستمالة سكان هذه المناطق، في ظل ضعف الدولتين العراقية والشامية، والمراهنة على أصوات الثلاثة ملايين لاجئ شامي في تركيا، الذين سيبقيهم اردوغان بالتفاهم المقنع مع الغرب، رهائن حتى تتاح له فرصة التحرك.
0 Comment
شكراً لهذا المقال الهام و تسليط الضوء على الخطر التركي الذي لا يقل أهمية عن الخطر الصهيوني في الجنوب السوري. من المستحيل تهويد سوريو الجنوب و تحويلهم الى يهود ولا يتم ذلك إلاّ بعملية مسح عنصري قد يكون لها عواقب وخيمة على كيان العدو. و لكن من السهل تتريك سوريو الشمال ( ما عدا الأكراد ) لتناغم الدين مع الكره الذي يكنّه سوريو الشمال مع الحكومة المركزية في الشام و لأسباب طائفية بحتة ليس من الحكمة تجاهلها.
نأمل أن يستفيض الرفيق السبعلي في التركيز على هذا الخطر الداهم و القادم من الشمال ، و ذلك بشرح اتفاقية أضنة الموقع سنة 99. و محاسنها و سيئاتها.