نقلا عن صفحة السيدة حنين الضاهر
الدكتورة حياة كانت أما، معلمة، صحفية، كاتبة، باحثة،
كانت تخبرني دائما لو أن الله يعطيها عمرا ضعف العمر الذي عاشته لن يكفي لإنهاء المشاريع التي كانت تنوي أن تنجزها..
كانت مليئة بالعطاء بطريقة غير عادية، كانت مليئة ب”الحياة” كطفلة مقبلة على الحياة في عمر الزهور، كان العمر رقما بالنسبة لها،
كانت أما عظيمة، رأيت اهتمامها بأولادها في عمر السبعين كأنها أنجبتهم مؤخرا، رأيت عطائها لوطن لم تحمل جنسيته وكأنه الوطن الأول والأخير، رأيتها مع طلبتها ورأيت طلبتها فيها، كان العطاء صفة متأصلة بها،
رأيتها تعطي العلم حقه كما لم يعطيه أحد،،
كانت دائما متفائلة، لم تيأس يوما، لم تستلم للواقع أبدا، كانت تعرف حق المعرفة أن الواقع مُر لكنه ليس أمر من إرادة الأحرار،
كان لي الحظ الأوفر في العامين الماضيين لأنني تعرفت على امرأة مثلها، كان لي كل الشرف أن أعمل معها هذه الفترة القصيرة التي لا تكفي لتكتشف كل نواحي العلم والثقافة التي بحوزة انسانة كالدكتورة حياة،
دائما ستكون خسارة الدكتورة حياة خسارة فادحة، حتى لو أنها عاشت ألف عام،
كانت تعاملني كابنتها، تقلق لقلقي، تحضر لي الأكلات التي أحبها، تفرح لفرحي، تشد بيدي، كانت أما عظيمة قبل كل شيء.
خسارتها مؤلمة على الصعيد العملي والثقافي للعالم وموجعة جارحة لي على الصعيد الشخصي،
أشعر وكأننا لم ننهي الأحاديث بيننا بعد،
ذهبت باكرا،
لم أكن اتوقع أن يفتك بك المرض هكذا، كنتِ قوية، كنتِ أقوى من السرطان،،
ستبقى ذكراكِ تلازمني الى آخر يوم في عمري، سأخبر أطفالي عنك،
أتمنى أن اكون عند حسن ظنك بي دائما.
أتمنى لو أنك تسمعيني الآن، احتاج لأن أخبرك أشياء كثيرة.
كنت أنتظر عودتك لأجلس معك ساعات وانا اتحدث،
أوجعني غيابك كما لو أنني عرفتك العمر كله.
لروحك الرحمة والسلام الدائم.