يُحكى أن الأخوة أصحاب قصة “دافنينو سوا” الشهيرة، أنّبهم ضميرهم بعد سنين من ابتزاز الناس وجمع الأموال من زيارات المرضى واليائسين والباحثين عن الحب والحظ إلى قبر “الكديش” الذي دفنوه وقالوا للبشر إنه قبر رجل مبارك قادر على تلبية الدعوات والاستجابة للأحلام المستعصية.. فقرروا إفشاء السر وإعلان الحقيقة للناس من أن من يزورونه ويتبرّكون به ما هو إلا “كديش” عجوز مات من عبء الأثقال التي حملها والأعمال الصعبة التي كان الأخوة يجبرونه عليها.. كما قرروا أن يتبرعوا بالأموال التي جمعوها إلى المؤسسات الخيرية ويطلبوا الصفح من الله والناس!
وصل خبر نيّة اعتراف الأخوة وتوبتهم إلى الحكومة فجُنّ جنونها، وعقدت اجتماعاً طارئاً للوزراء لمناقشة مدى تأثير هذه النية “العاطلة” على الوضع الاقتصادي والسياسي، وعلى أحلام المواطنين وروحهم المعنوية، خاصة بعد أن يكتشفوا أن من يتوسلون إليه ويقدمون الأموال والذبائح لأجله ليس إلا “كديشاً” هزيلاً بائساً مات من شدة العتالة والتحميل!.
أحد الوزراء قال إن التردّد في حماية حُرمة هذا الكديش تعني هدم أحلام الشعب الذي لن يبقى عنده شفيع يحقق أمنياته.. وآخر خشي أن يحمّل الشعب مطالبه للحكومة بعد أن كان الكديش يتولى ذلك، الأمر الذي ينذر بمخاطر كبيرة على الاستقرار في المنطقة!.
بعد مداولات اتُخذ القرار بالاجماع، وقضى بالقبض على الأخوة أصحاب الكديش، وإيداعهم السجن بتهمة الإساءة إلى الرموز التاريخية التي تربى عليها المواطن وكانت سنداً له، كما أفتى القرار بتحويل ملكية المكان إلى القطاع العام كي يبقى مزاراً ترجع عائداته للحكومة، وقد أكد المسؤولون في القرار الذي تناقلته وسائل الإعلام، أن غياب الكديش لا يمكن السكوت عنه لأنه يترك ثغرة في أحلام الشعب وأهدافه العريضة وهو ما لا تستطيع الحكومة التهاون به أو تحمّله مطلقاً، نظراً لانشغالها الدائم بالسهر على حماية الوطن وصيانة عزيمة الأمة من الوهن بسبب مؤامرات الامبريالية العالمية العفنة!.
عرفتوا كيف؟