“بموجب تعميم صادر عن عمدة الداخلية رقم /49/ تاريخ 18/8/2020 المتضمن قرار المجلس الأعلى رقم 15/88 تاريخ 4/8/2020 بالدعوة إلى اجتماع انتخابي يتناول انتخاب رئيس المجلس القومي ونائب الرئيس وناموسين كما يتناول انتخاب أعضاء المجلس الأعلى وانتخاب أعضاء هيئة منح رتبة الأمانة.
ثم أتبعت عمدة الداخلية التعميم الوارد أعلاه بتعميم آخر رقم /54/ تاريخ 4/9/2020 القاضي بتأجيل المؤتمر القومي الذي كان مقرراً في 12/9/2020 إلى النصف الأول من شهر أيار 2021 ومؤكداً على وجوب اجتماع اعضاء المجلس القومي في 13/9/2020 في فندق السنترال في ضهور الشوير للانتخابات المحكي عنها في تعميم عمدة الداخلية أعلاه رقم /49/ تاريخ 1/9/2020 أنه من الأسباب الموجبة لتأجيل المؤتمر ورد بند أخير جاء فيه : ونظراً للظروف الاستثنائية والقاهرة التي تمر بها الأمة والعالم أجمع وحفاظاً على مصالح الحزب العليا. يسن القانون التالي : مادة أولى: استثنائياً يؤجل المؤتمر القومي العام في الحزب السوري القومي الاجتماعي والذي كان من المقرر عقده بتاريخ 12/9/2020 الى النصف الأول من شهر أيار سنة /2021/ ….” |
تمهيد
أولاً:
في انعدام صلاحية المجلس الأعلى لاصدار القانون التعديلي القاضي بتأجيل انعقاد المؤتمر القومي العام :
بعد الاستقالات الجماعية والفردية من عضوية المجلس الأعلى وبعد الغياب المتواصل عن حضور بعض أعضاء المجلس الجلسات لاسيما الأعضاء المتواجدون خارج الكيان اللبناني حيث تنعقد جلسات المجلس، لم تعد جلسات المجلس الأعلى تحظى بالأغلبية القانونية لسن القوانين كما أنه لم يعد باستطاعة المجلس الأعلى من حيث الصلاحية أن يعدل في الدستور لانتفاء توافر أكثرية الثلثين المنصوص عنها في الفقرة /9/ من المادة الثالثة عشر من الدستور الأساسي. ” لا تقر التعديلات المقترحة إلا بموافقة ثلثي أعضاء المجلس الأعلى “.
وعليه فإن التعديل الدستوري الذي أجراه المجلس في 4/8/2020 المتضمن تمديد ولايته التي انتهت في 16/6/2020 هو تمديد غير دستوري وصادر عن مجلس أعلى غير ذي صلاحية لاجراء التعديلات. لاسيما وأن المجلس أصدر قرار يقضي بالتصويت في المجلس بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي.
بما يفقد صاحب حق التصويت حق الإطلاع المباشر والحي على مجريات البنود المطروحة على البحث في الاجتماع كما يحرمه حق المناقشة وابداء الرأي في ما هوموضوع المناقشة وبالتالي التصويت عليه، علماً أن هذا النوع من التصويت يستوجب تعديل دستوري الأمر الذي لم يحصل.
ويلاحظ أن جلسة المجلس الأعلى المنعقدة في 4/8/2020 والتي يحدد فيها المجلس ولايته لم تتوافر فيها أكثرية الثلثين مما يجعل ما صدر عن الجلسة من تعديل للدستور غير صالح للعمل به ولا يسري بوجه القوميين الاجتماعيين لكون الشروط الدستورية لاصدار مثل هذا التعديل غير محققة.
ثانياً:
في انعدام دستورية الاجتماع الانتخابي في 13/9/2020 :
دعا المجلس الأعلى أعضاء المجلس القومي الى اجتماع انتخابي يعقد في فندق السنترال في ضهور الشوير، كما سن قانون تعديلي بتأجيل انعقاد المؤتمر القومي الى النصف الأول من شهر أيار سنة /2021/. وفي هذا المجال نصت المادة الأولى من القانون الدستوري عدد /17/ 2001/ على ما يلي :
” المادة الأولى : يعقد الحزب خلال السنة التي تسبق موعد انتخاب أعضاء المجلس الأعلى مؤتمراً يسمى المؤتمر العام .”
ينهض من هذا النص الدستوري الملزم أن انتخاب المجلس الأعلى يتم بعد تاريخ انعقاد المؤتمر العام.
وعند وجود النص لامكان للإجتهاد. لاسيما وأن المجلس الأعلى دعا الى انتخابات حزبية عامة لمؤسسات حزبية ولم يقم بتعديل المادة الأولى من القانون الدستوري عدد /17/ لتستقيم صحة الدعوة الى الإنتخابات قبل انعقاد المؤتمر مما يجعل من نفاذ مفعول المادة الأولى من القانون الدستوري عن /17/ جاري بوجه المجلس الأعلى الأمر الذي يقوده الى اعتبار الاجتماع الانتخابي المنوي إجراءه في 13/9/2020 اجتماع غير دستوري وما يصدر عنه من هيئات ومجالس منتخبة غير دستورية وغير ملزمة. بما يفضي الى القول أن دعوة المجلس الأعلى لهذا الاجتماع هو تجاوز لحد السلطة تعسفاً وتحكماً. بإعتباره مخالفاً لأبسط القواعد الدستورية المعمول بهل في الحزب. علماً أن القوميين تعاقدوا مع سعاده على الدستور وأنظمته وليس على قرارات المجلس الأعلى وإن طاعة بعض القوميين لهذه القرارات تندرج في إطار المسائل الخطيرة التي تحدث عنها سعاده ولكون هذه القرارات والتعديلات تشكل انحرافاً دستورياً فاضحاً ومنهجية مدمرة للقواعد والأحكام الناظمة للعلاقات والإلتزامات بين القوميين ومؤسساتهم الحزبية.
ثالثاً :
في تناقض قرارات المجلس الأعلى :
في الأسباب الموجبة التي حدت بالمجلس الأعلى الى تأجيل المؤتمر إنما تتمثل بالظروف الإستثنائية والقاهرة التي تمر بها الأمة والعالم أجمع حفاظاً على مصالح الحزب العليا.
هذه الظروف الإستثنائية والقاهرة المبررة لغياب القوميين عن المؤتمر القومي العام هي التي حدت بعدد كبير من القوميين الاجتماعيين مناشدة المجلس الأعلى بتأجيل المؤتمر وبالتالي الإنتخابات التي تجري بعد انعقاده.
إلا أن المجلس الأعلى فصل بين انعقاد المؤتمر وتأجيله بسبب الظروف الإستثنائية والقاهرة وأبقى على اجتماع الانتخابات ضارباً بمناشدات القوميين بالظروف الإستثنائية والقاهرة علماً أن المناشدات بالتأجيل لم تقتصر على أعضاء المجلس القومي في لبنان بل شملت كافة كيانات الأمة ودول الجوار.
فكيف يؤجل انعقاد المؤتمر بسبب الظروف الإستثنائية والقاهرة وبذات الوقت يدعوالى عقد اجتماع للإنتخابات في ظل الظروف الإستثنائية والقاهرة ؟.
وقد سبق أن أشرنا في مقالة سابقة الى أن عديد من القوميين الاجتماعيين في كيانات الأمة وعبر الحدود لن يتمكنوا من الحضور بسبب الظروف الإستثنائية والقاهرة التي تعم الأمة والعالم أجمع.
فضلاً عن أن المحكمة الحزبية لم تبت بالطعون الإنتخابية الواردة من بعض المنفذيات مما يجعل من المطعون بعضويتهم في المجلس القومي أعضاء ناخبين أومنتخبين في مجالس الحزب العليا. وهكذا لم يسمح المجلس الأعلى بتبيان الظروف المناسبة والملائمة لعقد المؤتمر وبالتالي للإنتخابات.
وبعد ،
يتقدم قوميون اجتماعيون من اللذين سيحضرون جلسة الانتخاب في 13/9/2020 دون أن يطلعوا على أي برامج أوخطة للمرشحين سواء للمجلس الأعلى أولهيئة منح رتبة الأمانة ودون مناقشة ما جرى تنفيذه من توصيات في المؤتمر القومي العام المنعقد في حزيران /2016/ ودون مناقشة الإدارة الحزبية ولاسيما المجلس الأعلى عن قيادته للحزب خلال الأربع سنوات الماضية ودون مناقشة أعضاء المجلس القومي الحاضرون لأية رؤية مستقبلية للحزب من قبل المرشحين لادارته وقيادته. بما يفقد القوميين انعدام المعايير التي تتشكل منها قناعاتهم الانتخابية والتي هي الحافز الأهم والجدي للانتخاب. وفي حالتنا الراهنة يتقدم القوميون للانتخاب بلا معرفة ولا رؤية لمستقبل الحزب علماً ان من سينتخبونهم لا يتحلوا بالانجازات الحزبية الجليلة خلال الثلاثين سنة الماضية مستنسخين ذاتهم على إمتداد هذه السنوات الطويلة.
وهذا أمر معيب وخطير في العملية الديمقراطية ويندرج في دائرة التخلف في ممارسة العملية الإنتخابية ولاسيما نحن في حزب النهضة.
هذا فضلاً عن التغيب العمدي لشرائح واسعة في الوطن ودول عبر الحدود ولعدد كبير من أعضاء المجلس القومي بسبب الظروف الإستثنائية والقاهرة التي إعتمدها المجلس الأعلى في تأجيل انعقاد المؤتمر القومي العام ولم يأخذ هذه الاعتبارات عندما دعا الى الإجتماع الإنتخابي بالرغم من إستثنائيتها وخطورتها.
وإذا كان القوميون الاجتماعيون هم مصدر السلطات في الحزب فإن تغيب العدد الكبير منهم عمداً وتحكماً يجعل من ارادة القوميين العامة والتي هي مصدر السلطات في الحزب هي ارادة معطوبة ومعدومة ومشوبة بعيب غيابها القسري وتغييبها العمدي من قبل المجلس الأعلى وهذا الأمر لا يستساغ قبوله في حزب العقل وحزب المؤسسات وحزب النهضة.
وعليه ،
كان يقتضي على المجلس الأعلى أن يتحلى بالحكمة والتروي ويستمع للقوميين في تقرير مسائل هامة وخطيرة في مجرى مسار الحزب وأن لا يتخبط في قراراته وتعديلاته ويتناقض فيها هاجسه اجراء الإنتخابات بأي ثمن وبمن حضر وعلى حساب إرادة القوميين الاجتماعيين العامة ومصلحة الحزب ومصيره. علماً ونحن على يقين تام بأن هذه الإنتخابات سوف تأتي بالقيادة نفسها التي حكمت وبالذهنية نفسها الحزب منذ ثلاثين عاماً مع بعض الديكور بأسماء جديدة .
ليس بهذه الذهنية ولا بهذا التفكير ولا بهذا السلوك تدار النهضات وسيرتب على سلوك المجلس الأعلى المتحكم بالقرارات السلطوية نتائج خطيرة سوف تنعكس على وضع الحزب مستقبلاً. ومن يعش يـر.
الكورة في 9/9/ 2020