الولادة الجديدة

Share

غين عين

إن إنشاء الحزب السوري القومي الاجتماعي لم يكن وليد الصدفة. فقد كان أنطون سعاده رجل الاطلاع والعلم والتخطيط والإدارة. وفي حياته الحزبية القصيرة، لاحق الكبيرة والصغيرة، إن بداخل الحزب أو فيما يتعلق بالشأن العام المحلي القومي والانترنسيوني.

إن إعدامه المبكر نتيجة الثورة الاولى التي أطلقها، كشفت عورة القيادة إن بالنهج الذي اتبعته أو بنوعية الأفراد الذين ائتمنهم على المسيرة. ومن المعلوم أنه اثناء مسيرة العودة الى الوطن من مغتربه القسري، عرّج على القاهرة لتبدأ عملية تنقية الحزب حتى قبل أن تطأ قدماه أرض الوطن، وذلك بالوقوف على رأي طلابٍ قوميين يتابعون دراستهم على أرض الكنانة حول الحال الذي وصل اليه الحزب في ظل القيادة التي عُرفت بالمتلبلنة.

قيادة قديمة رافقت مسيرته الأولى، ما إن غاب عنها قسرًا حتى انحرفت. وقيادة جديدة حاول تأطيرها بمدة سنتين قبل إعدامه، ما إن وُوري الثرى، حتى انكشف أمرها كقيادة تختزن علل المجتمع الذي يريد تغييره عبر الانسان الجديد. 

يمكن القول إن وجوده كان الطاغي على المشهد النهضوي، وقد لمس القوميون الاجتماعيون بعد غيابه هذا الأمر من خلال التخبط الذي وقعت فيه قيادات الحزب ولمّا تزل. ماذا يعني هذا؟ يعني شيئًا واحدًا يقول إن الانسان الجديد الذي حاول من خلال الحزب إعداده لم يزل غائبًا عن المسرح العملاني للمسيرة الحزبية. وجلّ ما في الأمر أن الجميع كان متهافتًا على السلطة والسياسة على حساب البناء النهضوي الذي لا يمكن إشادته الا بإنسان جديد عارفٍ واعٍ صادقٍ ملتزمٍ، إيمانه بشعبه وأمته من النوع الآدوني (أدونيس) الذي بصراعه للتنين لا يحسب إلا حساب القضاء عليه. لان إنقاذ الجسد البالي لا يمكن ان يكون على حساب المجتمع والأمة.

إن أي ولادة جديدة للحزب الذي أراد سعاده أن يحمل مشعل النهضة في الأمة السورية، دون تضييق الخناق على الانسان القديم وإرساء القواعد الأساسية للإنسان الجديد في نفوس العاملين لبعث النهضة، ستكون تكرارًا للمسيرة السابقة، ولن تعطي إلا نفس النتائج. هذا لا يعني إغفال التضحيات التي بُذلت لآلاف مؤلفة من رجالات الأمة، ممن عانوا وضحّوا وكابدوا واستشهدوا، بل من أجلهم ومن أجل القضية التي تساوي وجودنا جميعًا، علينا المبادرة وعدم اليأس. فهو (الزعيم) وهم والأمة أحوج ما يكونوا اليوم أن نمضي قدمًا بالمسيرة التي انطلقت منذ تسعة وثمانين عامًا.

0
0