النظام القومي الاجتماعي

Share

النظام  هو مجموعة القواعد التي تشكل الأساس الذي يجعل العمل، أي عمل يجري بشكل متتابع، متناسق ومتكامل متسلسل، بحيث تتحقق معه الغاية التي وضع لبلوغها، إنه ضابط إيقاع سلامة الخطا على الطريق الموصل الى النتيجة، الهدف. والنظام في الحزب هو خط سير عمله لبلوغ الغاية من إنشائه. النظام ليس هدف الحزب بحد ذاته، ولا يمكن تصور النظام وجوداً في الفراغ، “إن النظام بلا قضية يخدمها لا يفيد شيئًا في الحياة عموماً وفي الحياة القومية خصوصاً  – سعاده”

إن أهمية النظام في الحزب السوري القومي الاجتماعي تواكب عِظَمَ الغاية التي أنشئ هذا الحزب لتحقيقها، أي أن قيمة النظام تأتي من طبيعة

الدور الذي يلعبه في العمل على تحقيق الغاية. وفي هذا يقول سعاده: “الحقيقة إن النظام ركن أساسي في عمل الحزب السوري القومي و مورد من موارد قوته الكبرى. هو أحد رموز زوبعة الحزب السوري القومي الاجتماعي الحمراء الأربعة الحرية الواجب النظام والقوة، ولكنه ليس هدف الحزب بل وسيلة من أقوى وسائله ولو كان النظام هو ما يرمي إليه الحزب السوري القومي لما كان السوريون القوميون يعلقون كل هذه الآمال الكبار على نهضتهم ومستقبل حزبهم… ليست فكرة التنظيم هي التي تقود الحزب السوري القومي الاجتماعي بل فكرة الحزب هي التي بعثت النظام وهي التي تقود النظام وتفعل التنظيم.. إن النظام هام بقدر ما هو ضروري لحاجة الحياة، وبقدر ما يكون النظام مضاداً لحاجة الحياة ومصالح المجتمع يكون غاية حقيرة ومحاولة سقيمة. إن سر النجاح ليس في النظام بل في القوة التي تحرك النظام.” -الآثار الكاملة ج /2 ص241-243–

 إن ما جاء في قول سعاده يبين معنى النظام ومفهومه ويحدد طبيعته:

•      النظام ركن أساسي في عمل الحزب السوري القومي الاجتماعي

•      النظام مورد من موارد قوته الكبرى

•      النظام ليس هدف الحزب.. بل

•      وسيلة من أقوى وسائله.. ولكن:

•      فكرة الحزب هي التي بعثت النظام وتفعل التنظيم.

•      فكرة الحزب هي التي تقود النظام….وأكثر من ذلك..

•      النظام بقدر ما هو ضروري لحاجة الحياة، فإن تعارضه مع حاجة الحياة يكون غاية حقيرة.

 في ضوء ما أوضحه سعاده عن نظام الحزب يَجِدُّ السؤال ما القصد من جعله نظاما فرديًا، ومركزيًا تسلسليًا، وهل التفرد في القيادة سمة النظام الدائمة؟

أما عن القيادة الفردية فهي لصاحب النظرية القومية الاجتماعية التي تقوم على قاعدة الولاء للأمة، إنه ربان باخرتها التي تمخر عباب بحر لجي، بحر الظلمات ليصل بها الى سطوع شمس مجد لن تغيب مقاومًا عوائق نهوضها وارتقائها وتنتهي بقيام مانع طبيعي دائم يحول دون ممارسته سلطاته، فهي إذن ملازمة لصاحب الدعوة.

   أما عن المركزية المتسلسلة فهي الوسيلة لنقل القرارات من مصدرها بعد تعدد المصادر بشكل دقيق.. مجلس أعلى، رئاسة الحزب، مجلس العمد، المنفذيات، إلى الوحدات الحزبية التي تتبع هذه المؤسسات وحدةً إثر وحدة بتراتبية وتتابع على مساحة العمل القومي عبر الهيئات الإدارية كل حسب وظيفتها، فالزعيم يصدر أمراً، مرسوماً، قراراً.. حسب موضوع الأمر يوجه عبر العمدة المختصة الى الإدارات الأدنى فالأدنى المناط بها  التنفيذ، وعميد الداخلية يصدر قرارًا بحسب اختصاصه الى المنفذية التي تقوم بدورها بتبليغ الأمر إلى المديريات التي تحت إدارتها ” تبلغوا وبلغوا” وهذه بدورها تبلغ أعضاء المديرية الذين يقومون بتنفيذه، وكل رئيس وحدة حزبية وبحسب الوظيفة التي يشغلها وضمن الخطة العامة للحزب وبحدود صلاحيته المحددة في قوانينه،  يصدر أمرًا، قرارًا يوجه إلى الوحدة التي تتبعه لتنفيذه وهكذا.. هذا هو النظام المركزي المتسلسل، مركز القرار مصدره، سواء كان الزعيم أو الرئيس أو العميد أو المنفذ، ويتم تنفيذه من الوحدة الحزبية المعنية، النظام المركزي التسلسلي غير التنظيم الذي يعني الإدارة، الهيئات الإدارية، وتحديد وظائفها وقواعد عملها والعلاقات التي تربط فيما بينها صعودًا وهبوطًا. هذا هو التنظيم وقد أشرنا إلى ذلك ومؤيده في شروح الزعيم للنظام والتنظيم.

وكما النظام هام لتحقيق القضية القومية وقد وضع لخدمتها، فإن الإدارة في النظام كذلك، إذ أن أهمية النظام في الخدمة التي يؤديها، أن يكون النظام مركزيا تسلسليًا بالمعنى الذي أشرنا لا يعني أن تكون إدارة النظام مركزية وقد تكون إدارته لامركزية ويبقى مركزيا تسلسليًا وتحدد المصلحة القومية ذلك.

 وننقل هنا نداء سعاده إلى القوميين الاجتماعيين  في 16 تشرين الثاني عقب خروجه من السجن الأول لما لهذا النداء من أهمية، يقول:

 “أحييكم وأهنئكم بموقفكم الشريف في سبيل القضية القومية التي نعمل لها. إن هذا الموقف لهو دليل حي على روح النظام التي هي من فضائل نهضتنا.

إني أخرج من السجن بكفالة مالية قدرها خمسمائة ليرة لبنانية سورية عائدًا إلى وسطكم لنتابع معا عملنا القومي الصحيح وخططنا السياسية بدون أي تغيير أو تبديل فيها. ولقد كان هذا أول تصريح أعطيته حال خروجي من السجن وإني أثق من أن فهم روح نهضتنا القومية ونظرياتنا السياسية كما هي واضحة في أعمالنا وتصريحاتنا سيساعد على إزالة جميع الصعوبات التي اعترضت سبيلنا في لبنان وخارجه.

    إن موقفنا السياسي فيما يختص بالسياسة الجارية والأوضاع الحالية، لن يكون على غير ما أعلناه في “البلاغ الأزرق” الصادر  بتاريخ 15 حزيران سنة 1936 وعالجناه في القضايا السياسية الحالية، ولـن يكـون على غير ما هو واضح في شرح غاية الحـركة السورية القوميـة وخططها.

    إن هناك أخطاء سياسية فاضحة ارتكبت من جانب غير جانبنا ساعدته على إضعاف الضبط القومي للمسائل السياسية كنا أشرنا إليها في بلاغنا المذكور آنفًا، ومما لا شك فيه أن تلك الأخطاء تؤيد اقتناعنا بصواب الطريقة التي أعلناها في البلاغ المذكور في معالجة المسائل المعروضة للبحث.. إن الخطة التي انتهجناها للسير نحو هدفنا هي الخطة التي تقول بعدم تجاهل الأمر الواقع حين معالجة القضايا السياسية وعدم الخروج على هدفنا ومبادئنا، إن الأمر الواقع يقسم سورية إلى عدة مناطق أقرها الاعتراف الأنترناسيوني وأوجد منها معضلة في الحقوق القومية والأنترناسيونية تحتاج إلى كل ما في نهضتنا من مرونة سياسية وشكلية لحلها.  وهو ما نشعر بوجوب القيام به. وهو ما نشعر ما يجب علينا معالجته على غير الأساليب العتيقة التي أضرت بحياة الشعب ولم تحقق شيئاً في مصلحته.

إن مطاليب العمل السياسي لفروع الحركة السورية القومية الاجتماعية المنتشرة في لبنان والشام وفلسطين وشرقي الأردن والعراق وضرورة الاهتمام بالعمل السياسي العلني توجب علينا الاهتمام بالبرامج السياسية الخاصة التي يجب أن تقرر لكل فرع من فروع الحركة السورية القومية بطريقة يمكن معها العمل للغاية الكبرى بدون تعريض سلامة الحركة للخطر.

إن سلامة الحركة القومية الاجتماعية وتأمين مطالب العمل السياسي في لبنان تجعلان الاهتمام بوضع برنامج لفرع الحركة السورية القومية في هذه البقعة أمرًا ضروريًا يوجب عقد مؤتمر لأركان الحزب في لبنان لدرس الموقف وتعيين خطة العمل وهو ما سنباشر به حالما نرتاح من عناء السجن ومن درس النقاط الهامة مع المعاونين وبعد أن نفرغ من إعداد برنامجنا السياسي في لبنان نبدأ بإعداد برنامجنا للشام ثم لفلسطين ثم لشرقي الأردن ثم للعراق، وإنا واثقون من أن هذه الطريقة ستفسح لنا مجالا للعمل القومي وتفتح لفروع الحركة السورية القومية طريق التقدم  ومعالجة القضية القومية بصورة عملية لا تهمل معها الاستفادة من القضايا المحلية وما تقدمه الظروف المحلية من الممكنات.

 إن خطة إيجاد برنامج خاص بكل فرع من فروع الحركة السورية القومية تسهل له العمل ضمن أوضاع الحال الراهنة وتنقذه من سوء فهم قضيته هي الخطة التي يجب علينا أن نهتم بها لأنها الخطة العملية التي مشينا عليها.

  إن خصوم الحركة القومية لا يعدمون أن يجدوا في كل خطة سياسية فنية من خطط الحركة موضعًا للتأويل فمنعًا لأي التباس، نصرح بأن مبادئنا ستظل هي هي. وبأن كل برنامج سياسي فرعي سيكون مؤسسًا على هذه المبادئ ومستمدًا منها.

 16 تشرين الثاني 1936″

   “وجعلت نظامه فرديًا” فالنظام كان فرديًا، ولكن هل القيادة الفردية سمة النظام القومي الاجتماعي، وهل القيادة الفردية في الحزب قاعدة ملازمة لمسيرته؟

 وجدنا في شروحات سعاده وكتاباته عن دستور الحزب وبنص المادة الرابعة من الدستور أن المعنيّ من القيادة الفردية هو زعيم الحزب، مؤسسه وواضع عقيدته، وأن تفرده في القيادة يستمر “مدى حياته” لتتوزع هذه القيادة بعد ذلك، ليس توزعًا مركزياً بل توزعًا أفقيا بحيث تصبح هناك سلطتان، لا تعلو إحداهما على الأخرى،- مجلس تنفيذي – إدارة تنفيذية وظائفية قائمة بذاتها لها نظامها الخاص ووظيفتها الخاصة، وليس كمـا كـانت حـال زعـامة سـعاده – مجلسا مساعدًا يساعد الزعيم في إدارة الحزب – هو مجلس العمد يرأسه رئيس مجلس العمد  يدير جلساته ويعلن قراراته ويمثله في المحافل، يعمل على تنفيذ السياسة العامة للحزب التي يتم وضعها كمشروع من الإدارة التنفيذية “مجلس العمد” لتصبح هذه السياسة  نافـذة  بإقـرارها من المجلس الأعلى – سلطة التشريع – وتقوم كل عمدة من العمدات بحسب اختصاصها الوظيفي بتنفيذ ما يخصها من هذه الخطة، فالقيادة إذن لم تعد فردية بل صارت قيادة جماعية  يتم اختيارها بطريق الانتخاب بالنسبة لرئيس الحزب وانتقائية بالنسبة لأعضاء المجلس الأعلى بحسب المادة الثالثة عشر من دستور سعاده قبل الخروج عن قواعد التعديل الدستوري.

0
0