المحلل السياسي بسام أبو عبد الله: التحالفات ضرورية لكن القرار يبقى سوريًّا

Share

شام قطريب

“الفينيق” التقت الباحث والمحلل السياسي السوري الدكتور بسام أبو عبد الله للحديث حول مختلف هذه القضايا ووضعت أمامه الأسئلة التالية.

الفينيق: بعد لقاء الرئيس بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت، قال الطرفان إن هناك مصالح مشتركة بينهما فيما يتعلق بالوضع السوري، منها محاربة الإرهاب. ماذا يمكن أن يعني ذلك؟ وكيف تنظر سورية إلى تطور العلاقات الروسية الإسرائيلية؟

أجاب الدكتور أبو عبد الله بالقول:

“فيما يتعلق بالعلاقات الروسية الإسرائيلية، فهي ليست علاقات قديمة، وهناك اعتراف بدولة إسرائيل على حدود عام 1967 منذ أيام الاتحاد السوفييتي سابقًا والروسي اليوم. هناك موقف روسي يؤيد حقوقنا في استرجاع الأراضي المحتلة وفي مقدمتها الجولان، وقيام دولة فلسطينية مستقلة.”

“هناك أكثر من مليون يهودي روسي يتحدثون الروسية موجودين في كيان الاحتلال الإسرائيلي. الجانب الاخر هناك كثير من القيادات الروسية ترى في إسرائيل منفذًا إلى اللوبيات اليهودية الفاعلة في الولايات المتحدة، والنقطة الثالثة هي أن تفكك الواقع الفلسطيني يجعل الموقف الروسي أضعف تجاه قضايانا. فالعلاقة الروسية الإسرائيلية لا يمكن النظر إليها من جانب واحد، أو بما معناه جانب أبيض وجانب أسود.”

“في الجانب الآخر، عندما وافق الروس على دعم الحكومة السورية عام 2015، كان هناك شروط واضحة وهي أن الهدف مكافحة الإرهاب وليس بناء علاقات في أي اتجاه آخر. روسيا لديها مصالح ويجب تفهمها بغض النظر عن تطابقها مع المواقف السورية. دمشق تعلن أن علاقة بعض العرب مع إسرائيل وتطبيعهم معها لن يؤثر على المواقف الثابتة لسورية من موضوع السلام والصراع العربي الإسرائيلي ودعم المقاومة. إذن لا ربط بين العلاقة الروسية الإسرائيلية والعلاقة بين روسيا وسوريا.”

“من جانب آخر يجب أن نلاحظ أن قبل لقاء بوتين مع بينيت، قال الرئيس الروسي في لقاء “فالداي” إن حزب الله قوة أساسية في المنطقة، فهو يُسمع بينيت قبل أن يأتي إلى موسكو بأن حزب الله جزء من المجتمع اللبناني وقوة أساسية في المنطقة، وبالتالي هذا موقف واضح يدل على توازن في الموقف الروسي.”

“بالطبع فإن الغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية بدعوى أنها غارات على مواقع إيرانية، لم تعد مقبولة بالنظرة السورية ولابد من ردعها. لكن الواضح أن موسكو لا يزعجها ذلك كما يبدو، وهناك حديث في بعض الأوساط حول أن الوجود الإيراني في سورية قد لا يكون مريحًا كثيرًا بالنسبة لموسكو. هذا الأمر أصبح واضحًا ومعروفًا، ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بأن الإيرانيين أتوا بناء على طلب من الحكومة السورية، لدعمها في مواجهة الإرهاب، وقد بذلوا دماءً وجهودًا كبيرة في وقف تدفق الإرهاب على الأراضي السورية.”

“موضوع مكافحة الإرهاب الذي تحدث عنه بوتين وبينيت في لقائهما المشترك، يجب ألا يفسر على أن المقصود به هو حزب الله، إسرائيل قد تنظر إلى حزب الله على أنه إرهابي، ولكن هذا على الأرض الواقع لا يعني شيئًا. فموسكو لها علاقات جيدة بحزب الله ولها علاقات جيدة مع العراق وحركات المقاومة. التباينات بين الموقف الروسي والإيراني طبيعي فالتحالف لا يعني التطابق.”

الفينيق: حول المناورات الإسرائيلية الأخيرة التي تحاكي حربًا مع حزب الله على أكثر من جبهة. وهل يمكن أن نكون على أبوب حرب يخططون لها؟ وما هو موقف سورية إذا كانت ستتم بموافقة روسية؟

جواب الدكتور أبو عبد الله:

“فيما يخص الحرب، لا أعتقد أن هناك تقديرات حقيقة لقيام حرب. فالولايات المتحدة تعيد التموضع الاستراتيجي في بحر الصين والمحيط الهادئ وليست بصدد شن حروب في المنطقة. ولكن يمكن أن يكون هناك حرب سيبرانية أو استهداف لبعض الأهداف مثلما يحصل بين طهران وتل أبيب، ولكن لا أعتقد أن هناك تحضيرًا لحرب بموافقة روسية. الروس لا يدفعون باتجاه الحرب أبدًا، ولا الأمريكان الآن بوارد هذا الموضوع بل بالعكس، واشنطن تحاول الذهاب باتجاه اتفاق نووي مع إيران وإعادة ترتيب أوضاع المنطقة وتعزيز الحوارات لأنها تريد إعادة تموضع كبير على صعيد الشرق الأوسط. هذا ما نراه في هذه المرحلة، وفي كل الأحوال فإن توازن الردع الذي تمتلكه سورية ومحور المقاومة لن يسمح للإسرائيليين بالمغامرة في هذا الاتجاه، خاصة أن معركة سيف القدس عرّت القدرات الإسرائيلية كما تقول تقارير العدو نفسه.”

الفينيق: هل من الممكن أن تقع سورية في مشكلة الاختيار بين التحالف مع روسيا مقابل التحالف مع إيران، خاصة أن الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية تتم بمعرفة الروس وموافقتهم؟

جواب الدكتور أبو عبد الله:

“لا ربط بين العلاقة السورية الروسية والسورية الإيرانية. العلاقة بين دمشق وطهران قديمة ثابتة راسخة وترتكز إلى قواعد مشتركة، والعلاقة أيضًا مع روسيا مهمة على الصعيد الدولي والدبلوماسي والاستراتيجي، ولا يجوز الربط بين العلاقتين. من قال إن العلاقة الروسية الإيرانية ليست عميقة وقوية؟ هناك تحضير لاتفاق استراتيجي بين البلدين. أما وجود التباينات فهو أمر طبيعي وواقعي ويجب ألا نستغربه بين الحلفاء. إن اسلوب تذليل العقبات الاستراتيجية تجاه المنطقة يمكن أن يكون مختلفا بين طهران وموسكو في العديد من النقاط، لكن الثابت أن موسكو بحاجة إلى طهران وطهران بحاجة إلى موسكو، ودمشق بحاجة إلى علاقات إقليمية ودولية تستند إلى التنسيق والتحالف وهو ما تم إنجازه بالفعل عبر العلاقات بين هذه الدول.”

“الغارات الإسرائيلية المستمرة تزعج لكنها لا تُحدث تحولات استراتيجية ولن تؤدي إلى خروج الإيرانيين كما يتصور الإسرائيليون فهذا وهم يجب أن يتخلوا عنه. الوجود الإيراني مبالغ به كثيرًا وهو في كثير من الأحيان مجرد حجة للغارات الإسرائيلية من أجل استهداف الجيش السوري وإبقائه في حالة مستمرة من الضغط. ولا يمكن أن ننسى أن الكثير من الغارات الإسرائيلية كان تهدف إلى مساندة الإرهابيين ودعم مشاريع التقسيم ومحاولة إضعاف سورية، إسرائيل لا مصلحة لها في قيامة سورية الجديدة وفي عودة القدرات العسكرية السورية، فسورية لديها الكثير من القدرات التي لم تستخدم ولا يمكن النيل منها.

عندما تظهر التباينات فالقرار يبقى دمشقيًا، فنحن بحاجة إلى الحلفاء والتنسيق معهم مع ظهور عالم متعدد الأقطاب.

*الدكتور بسام أبو عبد الله، دكتوراه في العلاقات الدولية – إجازة في العلوم السياسية، جامعة دمشق، مختص بالشأن التركي والروسي، والقضايا الإقليمية والدولية.

0
0