الصناعة اللبنانية قادرة على انقاذ لبنان وتعافيه.. الرقم السحري!

Share

مع تعاظم الانهيار واقترابه من خطوط اللاعودة، وفقدان الليرة لـ98% من قيمتها، و80% من اللبنانيين يعيشون في حالة من الفقر، وارتفاع البطالة الى ما يتجاوز ال 35-40% من القوى العاملة المتوفرة، وتجاوز الهجرة معدلات ما حدث أيام المجاعة الكبرى والحرب الاهلية، يصبح لزاماً على المسؤولين اللبنانيين على كافة مستوياتهم والقوى السياسية والاقتصادية والشعبية اتخاذ المواقف والقرارات التي تؤدي الى وقف تعاظم الانهيار وتهدئة الوضع المالي حتى يتسنى للاقتصاد اللبناني الانتعاش، وبالتالي تغيير اتجاهه صعوداً للخروج من الانهيار من خلال خلق فرص عمل وزيادة الانتاجية وزيادة النمو.

للقيام بهذا يجب ردم الهوة1 ما بين الحساب الجاري2 (حوالي 13 مليار د.أ.) والاستيراد3 (19 مليار د.أ. سنة 2022 ) والتي بلغ معدلها سنة 2022 حوالي 6 مليار د.أ. وتقليص العجز في الميزان التجاري4 الذي وصل سنة 2022 الى 15.5 مليار د.أ. من خلال تخفيض الاستيراد وزيادة الانتاج اللبناني وزيادة التصدير.

بحسب احصاءات الدليل الصناعي (دليل الصادرات والمؤسسات الصناعية اللبنانية)، فان لبنان يستورد سنوياً 1179 سلعة يتم تصنيع مثيل لها في لبنان، وأن سنة 2022 وحدها تم استيراد ما قيمته 5,412,305 مليار د.أ من هذه السلع. بمقارنة البنود الجمركية لهذا الرقم مع الصادرات الصناعية يتبين أن الصناعة اللبنانية تصدر1179 سلعة5 مماثلة بلغت قيمتها سنة 2022، 2,338,409 مليار د.أ. مما يؤكد قدرة الصناعة اللبنانية على انتاج هذه السلع بمواصفات عالمية، هذا مع العلم أن الصناعة اللبنانية تنتج 1490 سلعة6. بعد مراجعة القطاعات الصناعية تبين قدرتها على زيادة انتاجها خلال سنة انتاجية واحدة بنسب متفواتة يصل حجمها المالي الى 5,023,426 مليار دولار.

القطاع

عدد السلع

استيراد بالاف $

تصدير بالاف $

فدرة القطاعات الصناعية على الانتاج خلال السنة الاولى

القيمة المالية الفعلية المعكوسة بالاف $

غذائية

238

1,423,317

511,961

100%

1,423,317

مجوهرات

17

1,374,319

641,403

80%

1,099,455

الات

220

686,925

155,508

85%

583,886

كيمائية

162

578,239

355,466

100%

578,239

نقل

26

322,213

18,260

100%

322,213

منجمية غير معدنية

67

301,894

19,086

100%

301,894

معدنية

133

156,443

419,960

100%

156,443

متنوعة

49

156,325

28,428

100%

156,325

مفروشات

27

109,759

55,611

90%

98,783

البسة

110

101,206

10,788

100%

101,206

طباعة

58

88,376

89,464

100%

88,376

خشبية

31

57,479

8,545

100%

57,479

جلدية

32

55,810

9,236

100%

55,810

المجموع

1179

5,412,305

2,338,409

5,023,426

الرقم السحري

5,023,426 مليار دولار أميركي هو الرقم السحري لوقف الانهيار وهو مفتاح الخروج منه وحصان خلق فرص العمل وزيادة الانتاجية واطلاق عملية النمو الاقتصادي بشرط أن يتم عكسه من استيراد ليصبح انتاجاً صناعياً لبنانياً. وهنا يتبادر مباشرة السؤال: هل الصناعة اللبنانية قادرة على القيام بهذا؟

يقدر حجم الناتج الصناعي سنة 2022 بما بين 10 الى 11 مليار د.أ. وحجم الصادرات الصناعية ب 3 مليار د.أ. ويبلغ عدد المصانع اللبنانية في القطاع المنظم 6771″7″ وحوالي 3000 في القطاع الغير منظم موزعة على 13 قطاع وتنتج 1490 سلعة، 85% منها تعتبر صغيرة ومتوسطة الحجم وتتوزع على مختلف المناطق اللبنانية. عدد العمال في القطاع الصناعي المنظم حوالي 240000″8″.

حسب المعايير العالمية فان الصناعة اللبنانية تعمل بنصف قدراتها لان اغلبيتها تعمل 8 ساعات يومياً بينما المعدل العالمي هو 16 ساعة.

تعاني الصناعة اللبنانية من المنافسة غير المشروعة الناتجة عن عمليات الاستيراد المفتوحة، ارتفاع في كلفة الانتاج، غياب دعم الصادرات، الموانع التصديرية وانقطاع المواصلات البرية، وعدم وجود مناطق ية منظمة، ومع هذا وبالرغم من الانهيار المالي فهي قد حققت نمواً، كما استمرت بأعمالها خلال مرحلة الكوفيد 19، وقامت بتوفير فرص عمل جديدة (أعلنت جمعية الصناعيين اللبنانيين عن توفر 2000 فرصة عمل)، كما ساعدت القطاعات الاخرى الزراعية والخدماتية على الاستمرار باعمالها.

التدابير المطلوبة

لكي تستطيع الصناعة اللبنانية تحويل الرقم السحري الى انتاج داخلي يجب تطبيق تدابير جمركية تحمي الصناعة اللبنانية وتسمح بها اتفاقيات التجارة مثل الرسم النوعي وصولا للحماية الجمركية، وتفرض تدريجيا خلال مدة زمنية تتوافق مع زيادة القدرة الانتاجية لدى الصناعة لكي تلبي الحجم المطلوب من السلع في السوق المحلي، 12 شهراً هي المدة الزمنية القصوى المقدرة لعملية الانتقال، ويجب وضع هذه التدابير لمدة أقصرها خمس سنوات. لن تكلف هذه التدابير مالية الدولة اللبنانية، بل على العكس قد تؤدي الى زيادة المداخيل الجمركية.

في هذا الخصوص يجب تجميد الاتفاقات التجارية التي أدت الى اعفاء معظم المستوردات من الضريبة الجمركية خاصة تلك التي تنتج الصناعة اللبنانية مثيلاً لها، والتي أدت بالتالي الى زيادة العجز بالميزان التجاري بنسبة 50%.

زيادة الانتاج وفرص العمل

ستؤدي هذه الاجراءات الى مفاعيل ايجابية على الصناعة اللبنانية والاقتصاد الوطني وستتوزع على ثلاث مراحل.

المرحلة الاولى: (السنة الاولى)، تقوم الصناعة، في وضعها الحالي، بزيادة انتاجها من خلال رفع ساعات العمل الى 16 ساعة.

المرحلة الثانية: (السنة الثانية وما بعدها) تقوم الصناعة بالتوسع في أماكن عملها من خلال زيادة الآلات وزيادة الاستثمار، كما سيتم استقطاب استثمارات جديدة في القطاع الصناعي.

المرحلة الثالثة: (بعد ثلاث سنوات)، يجب البدء باعتماد المناطق الصناعية المنظمة إما من خلال التوسع في المناطق الحالية وتطبيق المدن الصناعية أو إحداث مناطق جديدة لاستيعاب الزيادة بالانتاج والاستثمارات.

ستؤدي عملية زيادة الانتاج في المرحلة الاولى الى توفير مئة الف فرصة عمل جديدة في القطاع الصناعي والى ما يماثلها أو أكثر في القطاعات الاخرى خاصة الزراعة والنقل والخدمات (حسب دراسة منظمة اليونيدو فان كل فرصة عمل في القطاع الصناعي تؤدي لخلق فرصتي عمل في القطاعات المتعلقة بها) وإلى زيادة في أعمالها، وبالتالي إلى إنخفاض كبير في معدل البطالة ومعدل الفقر، وكما هو معلوم، فقد عدل القطاع الخاص في طريقة دفع الاجور من الليرة اللبنانية الى الدولار مما زاد في جاذبية العمل في القطاع الخاص. سيؤدي الطلب على اليد العاملة الى إعادة تدوير وتدريب الالاف من القوى العاملة المتوفرة خاصة من العاطلين عن العمل ليتوافقوا مع متطلبات فرص العمل الجديدة، وبالتالي ستتوقف الهجرة.

في المرحلتين الثانية والثالثة، ستقوم الصناعة باجتذاب الكثير من اليد العاملة التي هاجرت خلال السنوات الثلاث الماضية من سنة 2019 حتى اليوم، كما ستبدأ بتغطية باقي السلع المستوردة وستنافسها مما يؤدي الى انخفاض في الاستيراد مقابل استهلاك المواد المنتجة محلياً.

الصادرات

بسبب زيادة الانتاج وتعاظمه ستنخفض كلفته وبالتالي سيصبح أكثر تنافساً، وسيؤدي تلقائياً لزيادة حجم الصادرات، والمتوقع ارتفاعها بدءا من السنوات الاولى بما بين مليار وملياري دولار، خاصة اذا تم تذليل العديد من العقابات الادارية، وتوقيع اتفاقيات التيسير، وفتح المواصلات مع وعبر سوريا-الاردن-العراق ورفع الضرائب عن النقل والمستوعبات.

الحساب الجاري والميزان التجاري

يقدر الحساب الجاري حالياً بحوالي 13 مليار د.أ. وهو نتيجة احتساب عائدات اللبنانيين من الخارج حوالي7 مليار د.أ. يضاف اليها حوالي2.5 مليار د.أ. من الخدمات و 3.491 مليار د. أ. من الصادرات، يقابله 19 مليار د.أ. من الاستيراد، أي أن الهوة ما بين الاستيراد والحساب الجاري فهي حوالي الـ6 مليار د.أ. أما الخلل في الميزان التجاري فقد بلغ 15.5 مليار د.أ. سنة 2022.

في المرحلة الاولى وعند تطبيق معادلة الرقم السحري، وخلال أشهر قليلة، ستتقلص الهوة ما بين الحساب الجاري والاستيراد الى حوالي 1.5مليار د.أ. وهذا سيؤدي حكماً الى تهدئة سوق القطع، كما سينخفض الاستيراد الى 14 مليارد.أ. وسينخفض الخلل في الميزان التجاري الى 11.5 مليار د.أ.

في المرحلة الثانية والثالثة، أي بعد سنتين من بدء التطبيق، سترتفع قيمة الصادرات بشكل كبير، كما ستغطي الصناعة أغلبية السلع المستوردة وستنافسها، وسوف ننتقل من 1179 سلعة الى 1490 وأكثر، مما يؤدي الى انخفاض متزايد في الاستيراد وفائض في الحساب الجاري وصولا الى موازنة الميزان التجاري.

الفرصة

يجب تحويل الانهيار القائم والمتعاظم ألى فرصة لاعادة هندسة الاقتصاد اللبناني على اساس القطاعات الانتاجية وقاعدته الصناعية، ان مفتاح هذه الفرصة هو الرقم السحري 5,023,426 مليار دولار اميريكي و1179 سلعة صناعية لبنانية.

1- الهوة هي الفارق ما بين الحساب الجاري والاستيراد

2- الحساب الجاري هو مجموع ما يدخل الى لبنان من عملات صعبة: التصدير+الخدمات+عائدات اللبنانيين من الخارج

3- الاستيراد هو مجموع ما يخرج من لبنان من عملات صعبة لشراء منتوجات اجنبية تستورد

4- العجز في الميزان التجاري هو الفرق ما بين قيمة التصدير والاستيراد

5- احصاءات الدليل الصناعي

6- احصاءات الدليل الصناعي

7- احصاءات الدليل الصناعي

8- حسب جمعية الصناعيين اللبنانيين واحصاءات الدليل الصناعي

*خبير أسواق العمل التنمية الاقتصادية الاجتماعية

0
0