مشهد السوريين القوميين الاجتماعيين اليوم يشابه إلى حد بعيد مشهد من يقف في منتصف دوّار كبير يقود في اتجاهات شتى. بعضهم يقف منتظما تحت يافطة تنظيمية أو أخرى. بعضهم يقف ضمن مجموعات متآلفة فيما بينها ولكن ليس مع كل من عداها، فيما يقف بعضهم الآخر منفردا. كل مجموعة تقف أمام مخرج من مخارج الدوار. على بعض المخارج يوجد أكثر من مجموعة. الكل يبحث عن الطريق الصحيح ليسلكه، وعن وسيلة النقل الفضلى التي توصله إلى حيث يريد. السؤال هو إلى أين يريد القوميون المضي؟
ليس هذا الوصف انتقادا لأحد ولا انتقاصا من أحد. إنه تصوير مجازي لحقيقة الحزب كما نراها وكما يراها كثيرون غيرنا. والسؤال “إلى أين يريد القوميون المضي؟” ليس أكاديميا بل عمليا جدا. وعلى الإجابة عنه تتوقف أمور كثيرة أهمها مستقبل الوطن السوري الذي نرى أنه مرتبط بمستقبل الحزب السوري القومي الاجتماعي. وإذا كان هناك من يرى غلوا في قولنا هذا فنحن لا نرى ذلك. فمنذ عصور، لم يضع أحد نظرة مستقبلية تتوخي حياة أجود لسوريا وبنيها وبناتها كتلك التي وضعها سعاده. ومنذ عصور لم يضع أحد نظرة أخلاقية قائمة على الوجدان القومي وليس الغيبيات الدينية، كتلك التي وضعها سعاده. ومنذ عصور لم يضع أحد نظاما للفكر والنهج والاشكال الضرورية لتحقيق الفكر والنهج، كما وضع سعاده. ومنذ غياب هذا الرجل الفذ، لم نر شيئا يقترب ولو مسافة سنين ضوئية مما تركه لنا من إرث، فلا يلومننا لائم على ما يراه غلوا ونراه بديهيا.
نعود إلى الدوّار وإلى أين يريد القوميون المضي.
إذا كان السوريون القوميون الاجتماعيون واعين لقضيتهم وانتمائهم، يجب ان يكون لهم جميعا وجهة واحدة هي تحقيق غاية حزبهم. أي موضوع خارج هذا الإطار هو عبث ومدعاة انقسام. غاية الحزب هو نقطة البداية في توحيد الاتجاه. فإذا ركّز القوميون نظرهم في هذه الغاية تختفي الحواجز النفسية بين الجماعات المتباعدة أو المتواجهة ضمن الدوار الخيالي الذي رسمناه، وتتحول إلى مجموع واحد ذي وجهة سير واضحة وفي طريق واحد لا طريق سواه. عندها يصبح البحث في الوسائل، وفي الاشكال أمرا سهلا. يصبح تفصيلا وليس عقبة. يصبح بحثاً عن مجموعة أسئلة مثل ما هي الشروط الضرورية والامكانيات اللازمة لتحقيق هذه الغاية؟ أين نجدها، وكيف نجمعها، وما هي الخطة النظامية التي سوف نعتمدها في ذلك؟
هناك محاولات عديدة مخلصة للخروج من أزمة الحزب، بعضها ينبع من داخل هذا المركز أم ذاك، وبعضها تقوم به المعارضات الحالية. البعض يرى مثلا عقد سلسلة من ورش العمل بهدف وضع خطط تقنية في شتى المجالات ينتج عنها خطة عامة للحزب. هذه خطوة لا بأس بها، ولكننا نعتقد أنه يجب ان يسبقها ورشة عمل أساسية تضم عددا من مفكري الحزب واختصاصيه ترسم خطا قاعديا لوضع الحزب الحالي. ثم ترسم، انطلاقا من غاية الحزب، مجموعة من الأهداف الاستراتيجية التي يجب تحقيقها ضمن مهل زمنية محددة لتحسين الخط القاعدي الحالي. عندها تصبح ورش العمل الفرعية أمرا مجديا إذ تُوَائم بين مُخْرَجَاتها وبين الأهداف الاستراتيجية الموضوعة.
البعض الآخر يرى ان الإصلاح من الداخل أمر مستحيل، وان ورش العمل ليست سوى ذرا للرماد في العيون، وأنه ما من حل سوى تأسيس حزب لا علاقة له بأي من التنظيمات القائمة. هناك من يشجع هذا الرأي وهناك من يعارضه.
لقد استفتت هذه المجلة عددا من السوريين القوميين الاجتماعيين في عدد من المواضيع منها كيفية الخروج من أزمة الحزب الحالية. هذا كان جواب الأغلبية المطلقة: “عبر مؤتمر تدعو إليه حركة إنقاذية من الصف الحزبي عامة، تضم رفقاء من مختلف التنظيمات تحت شعار وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين لتحقيق غاية الحزب ونظرته.”
نحن نعتقد ان صوت القوميين يجب ان يُسمع وأن يُحترم، خاصة متى كان متزنا وصريحا وواضحا.
الخروج من الدوار يجب ان يكون من مخرج واحد يافطته تقول: وحدة السوريين القوميين الاجتماعيين لتحقيق غاية الحزب ونظرته. الباقي تفاصيل.
0 Comment
تحيا سوريا
لا شك أن المقاربة الموضوعية لواقع مجتمعنا كما صنفه سعادة نجد فيه فئة من السوريين الذين يمكن ان نصنفهم مدعين بانهم سوريين قوميين اجتماعيين. اكتب يدعون بهذه الصفة ، نظرا لكون هذه الصفة من حيث يضهد عليها شهود في إطار تعاقدي معين يفترض التدقيق بمؤهلات السوري لنيل هذه الشهادة وليلتحق في صفوف الحركة او النهضة او الحزب او الدولة السورية القومية الاجتماعية.
يمكن الملاحظة بان ما كتبته اعلاه يتضمن فرضية وجود تأهيل ما في إضفاء هذه الشهادة ونحن في واقع ضربت فيه مصداقية المؤهل والذين اهلهم، على الاقل يبدو لي ذلك. كيف يمكن الدعوة الى السوريين القوميين الاجتماعيين في هذا الواقع، ما هي الضمانة ان يكون المدعين مؤهلين في هذه اللحظة التاريخية ان يدعوا الى هذه الورشة؟