الخطيئة… والجريمة

احمد اصفهاني

Share

لا وجه شبه للمقارنة بين أزمة الحزب السوري القومي الاجتماعي التي عاد سعاده لمعالجتها سنة 1947، وبين الأزمات المتراكمة التي يتعرض لها الحزب في صيغته الراهنة. تلك كانت أزمة فكر وسياسة ونظام ومناقب متشابكة، وهذه مجرد أزمة انحطاط مناقبي مرّوع مهما حاول “أبطالها” التلطي خلف عناوين دستورية وسياسية وما شابه من خزعبلات.

وهدفنا من هذه العجالة، بعد أن إلتزمنا الصمت مدة من الزمن لعل وعسى، ليس عرض أسلوب سعاده في التعامل مع الأخطاء والمخطئين. فهذا مشروح بالتفصيل في كتابات الزعيم ومحاضراته خلال 1947 و1948. إنما نريد أن نبيّن كيف تصرف الذين حاورهم سعاده وناقشهم وحاسبهم قبل أن يتخذ بحقهم الإجراءات الدستورية المتناسبة مع ارتكاباتهم. كما وأننا لن نمرّ على سيرة الذين انحنوا مؤقتاً أمام عاصفة التطهير، ليعاودوا نهجهم الانحرافي بعد استشهاد سعاده.

تراوحت ردود فعل هؤلاء “المخطئين الخطاة” إلى حد كبير في أعقاب صدور القرارات بحقهم. بعض منهم اعتبرها مناسبة للتحلل من تعاقده وقسم انتمائه، فابتعد عن الحزب وربما عن العقيدة. غير أنه لم يصّوب سهام النقد أو التجريح سواء للحزب أو لسعاده.

بعضهم الآخر أحسّ بأن عليه الدفاع عن مواقفه وتوضيح وجهة نظره، فلجأ إلى الصحافة منتقداً إجراءات الزعيم. لكنه سرعان ما تراجع الاهتمام به، فانكفأ منزوياً يجر أذيال الخيبة. وبالتالي خرج من دائرة التأثير في مسار الحزب ومسيرة النهضة.

يبقى القسم الأخير الذي أخذته العزة بالإثم، فأعلنها حرباً مفتوحة ضد سعاده والحزب. هذه المجموعة لا تتحمل مسؤولية الانحراف الذي أصاب الحزب في الأربعينات فحسب، وإنما كانت منخرطة أيضاً في مؤامرة منع سعاده من العودة إلى الوطن، بل والتخطيط الخبيث للتخلص منه جسدياً. لذلك ما أن تم قطع دابر عناصرها داخل صفوف الحركة القومية الاجتماعية، حتى أماطت اللثام عن حقيقتها: مقابلات صحافية، مقالات تهجمية، بيانات “خاصة”، كتب انتقادية، تحالفات مع أطراف معادية… وصولاً إلى السعي لتأسيس “حزب” جديد.

كل هذه الخطوات لم تكن بريئة، فقد كشفت التطورات اللاحقة أن غالبية أفراد هذه المجموعة كانوا مرتبطين بجهات معادية محلية وأجنبية. وبهذا السياق نضع كل خطوات “الواقع اللبناني” التي نفذها نعمة ثابت منذ منتصف الأربعينات.

نعود الآن إلى الأزمة الحزبية الراهنة. يوجد بيننا خطاة ومخطئون كثر. لكن يبدو أن هناك من يتعمد خرق كل الخطوط الحمر، ضارباً بعرض الحائط بديهيات التعامل المناقبي. هذا الطرف يترنح الآن على حافة السقوط في الجريمة الموصوفة بحق الأمة وحق العقيدة وحق الحزب… وحق الألوف من القوميين الاجتماعيين، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

تاريخنا القومي الاجتماعي يؤكد أن الفشل سيكون نصيب المشاركين بهذه الجريمة. وتاريخنا لا يرحم. فحذار من مرجل النهضة لأنه بلغ درجة الانفجار!

0
0

0 Comment

ايلي عون 11 أكتوبر، 2020 - 12:51 ص

كلمة معبرة وتعكس ثقة قوية بأن القوميين ماضون في طريق تطهير حزبهم واجراء عملية اصلاح كبرى فيه. شكرا امين أحمد.

Post Comment