منذ تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وما خلا مرحلة قيادة سعاده له، كان هناك دائما صراع بين عقليتين، واحدة تطلب الحزب وأخرى تطلب السلطة. بل حتى أثناء البدايات الحزبية، مر الحزب بحالة كهذه قادها شارلي سعد وسواه، أرادوا تنحية الزعيم، ولكن محاولتهم باءت بالفشل فحوكموا وطردوا.
طالبو الحزب يرون فيه، في نظرته، في غايته، في قِيَمِه، في الوجدان القومي والإيمان الاجتماعي الجديد القائم على المحبة اللذين زرعهما سعاده في نفوس أعضائه، يرون في كل هذا مثالهم الأعلى، فيحاربون لإحقاقه بكل ما أوتوا.
طالبو السلطة يرون فيها، السلطة، أقصى طموحاتهم، فتصبح هاجسهم، تصبح إدمانا يسري في دمائهم.
بين طالبي الحزب وطالبي السلطة حرب مفتوحة لن تنتهي إلا بانتهاء أحدهما. إنها صراع مفتوح بين عقليتين واحدة قائمة على أخلاقية جديدة زرعها سعاده في نفوسهم، لها أسُسٌ أهمها أن مصلحة سوريا فوق كل مصلحة، والثانية قديمة قوامها النزعة الفردية. الأول يقول، “لنصرك سورية هذا القليل”، الثاني يقول، “لا أحد يلوي ذراعي.”
طالبو الحزب موجودون في كل مكان وكذلك طالبو السلطة. من الطرفين من هم داخل الانتظام الحزبي ومن هم خارجه. منهم من خاض الانتخابات الأخيرة ومنهم من رفضها. الطرفان موجودان في “سلطة الأمر الواقع” التي كتبنا عنها في مقال سابق، وكذلك خارجها. بعضهم موجود في المعارضات، وبعضهم خارجها. طالبو الحزب يعرفون بعضهم فيتلاقون على مصلحته أينما كانوا، وكذلك طالبو السلطة. إنهم يعرفون بعضهم، فيتلاقون ويفترقون حسب مصالحهم وحساباتهم والخوف على أذرعهم من اللي. هذا هو الواقع، وهذا هو خط الصراع التاريخي داخل الحزب.
طالب السلطة لزج، ملسان، سياسي، حربوق، يعرف من أين تؤكل الكتف، يداري جانبه حماية لمصلحته، يخفض جانحه عند الحاجة، نَقَّال للبندقية من كتف لآخر، يقف على المرتفعات منتظرا جلاء المعركة ليقدم الولاء. إنه لا يخطئ أبدا، ولا يعتذر. فالتراجع عن الخطأ نقيصة والاعتذار ضعف.
طالب الحزب شجاع، حر، صادق، يقاتل بفروسية وشرف. كبير في انتصاره، كبير في انكساره. لا يهادن على مصلحة الحزب ولا يخفض جناحا أمام قوي كائنا من كان. يعترف بخطئه بكبر ويعتذر عنه ويحاول التعويض عن أذى تسبب به.
هل نتكلم عن أشخاص خيالية؟ كلا، راجعوا تاريخ الحزب ترون أن خط الصراع هذا قائم منذ التأسيس. بسببه ظلم كثيرون، وهُمِّش كثيرون، واستشهد كثيرون مجانا بسبب أخطاء وجرائم. راجعوا تاريخ الحزب ترون الابتسامات الصفراء وترون القامات.
من أجل سورية، من أجل الحزب الذي تأسس لمجد سوريا، يجب أن ينتهي هذا الصراع، بل قل، لا بد له أن ينتهي، وأن ينتهي بغالب ومغلوب.
على أعضاء حزب الحزب أن يتكاتفوا لينتصروا على حزب السلطة.
0 Comment
[…] في مقالات سابقة عن هذه الظاهرة بأنها صراع بين “حزب الحزب وحزب السلطة.” بل يمكننا الحكم انطلاقا من النتائج، أن قيادات حزب […]