الحرب الأوكرانية ونمو تجارة السلاح في السوق السوداء

Share

مع اندلاع الحرب الأوكرانية سارعت الولايات المتحدة لإرسال مساعدات عسكرية للجيش الأوكراني بقيمة 2.7 مليار دولار، تتضمن شحنة من الأسلحة المتنوعة كالمقذوفات المضادة للدروع والصواريخ المضادة للطائرات بالإضافة إلى مجموعة من الطائرات المسيرة والقوارب الحربية والذخيرة والعتاد العسكري والطبي. كما فعلت الشيء نفسه بريطانيا وألمانيا.

 ردًا على ذلك صرحت وزارة الخارجية الروسية بأن السلاح الذي يرسله الناتو وحلفاؤه، سينتهي به الأمر في السوق السوداء. هذه الملاحظة تلقي الضوء على مشكلة تجارة السلاح السوداء في أوروبا عمومًا وفي أوكرانيا المعروفة بأنها مركز منظم لهذا النوع من التجارة.

يوجد ما يقارب 300000 قطعة سلاح فقدت من مواقع عسكرية في أوكرانيا بين عامي 2013 و2015 ولحد الآن لم يتم استعادة سوى 17% منها.

في عام 2016 نشرت وكالة رويترز تحقيقاً تستقصي فيه تجارة السلاح غير المشروعة في أوكرانيا، ويكشف التحقيق وجود نوع من التنظيم في هذا النوع من التجارة الأوكرانية حيث يقول أحد الشهود: “لطالما كانت تجارة السلاح موجودة والآن نحن نشهد اتساع قناة التجارة” ويضيف: “الموضوع يصبح أكثر تنظيمًا مع مرور الوقت.”

يكشف التحقيق أن التجارة كانت ممتدة إلى روسيا ويوغسلافيا وفرنسا وحتى إلى دول حوض المتوسط. ويختم التقرير الذي أصبح عمره اليوم ثماني سنوات، بأن تجارة السلاح هذه لن تتطور إلا في حال نشوب حرب ما. اليوم اندلعت الحرب وتطورت أساليب التجارة غير المشروعة وازدادت الفوضى وأصبح بإمكاننا توقع كارثة تسليح قد تمتد للعالم بأكمله، وقبل كل شيء إلى المنظمات المتطرفة في أوروبا الغربية التي تحاول أن تحاكي المنظمات المتطرفة الأوكرانية.

يشير بعض الخبراء إلى أن السبب وراء فوضى السلاح في أوكرانيا هو افتقارها للتشريع القانوني في هذا الموضوع. أوكرانيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي تسمح لجميع مواطنيها بحمل السلاح. أي أن السلاح ليس حكرًا على الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة. وما يزيد الطين بلة اليوم هو أن أوكرانيا لا تمتلك ما يكفي من المستودعات لتخزين شحنات الأسلحة التي يرسلها الناتو مما ينذر بالأسوأ.

ووصل تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا إلى مستوى غير مسبوق، ويظهر هذا الخطر حين يُعاد توجيه الأسلحة، والذخائر، وإمدادات مثل الوقود من وجهتها أو غرضها الأصلي إلى وجهةٍ جديدة، من أجل تنفيذ أنشطةٍ غير شرعية على الأرجح، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي. وأشار التقرير إلى أن إغراق واحدةٍ من أكبر أسواق تهريب الأسلحة في أوروبا -حسب مؤشر الجريمة المنظمة العالمي- بالأسلحة هو وصفةٌ مثالية لإحداث كارثة.

في حرب 2006 فاجأت المقاومة اللبنانية الدبابات الإسرائيلية بصواريخ قادرة على اختراق دبابات الميركافا، وكانت معركة وادي الحجير كارثية بالنسبة لإسرائيل التي تتحدث صحافتها هذه الفترة عن إمكانية استفادة حزب الله وحماس من الحرب الأوكرانية في ظل تدفق الأسلحة على أوكرانيا وإمكانات تهريب السلاح وأيضًا على مستوى الخبرات القتالية.

عملية الحصول على السلاح بالطرق المختلفة مشروعة، خاصة مضادات الدروع والصواريخ المحمولة المضادة للطيران وعلى رأسها صواريخ “ستينغر” الأميركية التي إن وصلت إلى المقاومة فستغير في المعادلة كثيرًا. وفيما يتحدث الخبراء عن أضرار اقتصادية كبيرة ستلحق بدول العالم على صعيد الغذاء نظرًا لأن أوكرانيا وروسيا من أوائل مصدري القمح في العالم، فإن الحصول على أسلحة متطورة بالنسبة لقوى المقاومة، يمكن أن يكون من الفوائد غير المنتظرة، رغم صعوبات إيصالها، لكن تجارة السوق السوداء التي اشتهرت بها أوكرانيا تاريخياً في تجارة الأسلحة، يمكن أن تفلح في ذلك، وقد سبق أن فعلت، فصواريخ “الكورنيت” وغيرها التي استخدمت ضد دبابات الميركافا في الجنوب اللبناني كانت أوكرانية وروسية الصنع.

0
0