الثأر -سامي سماحة

Share

يعتقد بعضنا أن الثأر عادةٌ تمارسها العائلات والعشائر فيتولون مهمات القضاء وتحقيق ما يرونه عدالة على طرائقهم الخاصة وبأساليبهم المميزة  فينشأ على الجريمة عمارة من الجرائم ولا يكون الخلاص إلا بعد تعب الأطراف المتنازعة وتدخل القضاء القبلي الأعلى لفرض الصلح فتنتهي عمليات الثأر. 

كان الثأر قبل وجود الدولة واستمر بعد وجودها  لأن مفهوم الدولة المسؤولة عن حياة الناس لم يصل الى عقول الناس. كل ما وصل هو مفهوم الدولة “المنظمِّة” لمصالح الناس، وهكذا استمر الثأر الجسدي على مساحات دولنا دون رقيب أوحسيب جدي. 

لا نريد ان نقلل من دور الدولة التي استطاعت أكثر من مرة ان تتدخل فتمنع الثأر ولا نريد ان نبخس حق بعض الدول التي فرضت هيبة منعت الناس من اللجوء الى الثأر الجسدي. 

نحن لا نزعم اننا وقفنا عند عادة الثأر الجسدي لأننا تطورنا من الثأر الجسدي الناتج عن التعدي الجسدي أو المس بشرف العائلة او العشيرة الى الثأر السياسي وتحولت الحرية التي هي حرية الصراع الى حرية إشباع النفس بفكرة الانتقام الشخصي بمعنى الانتقال من دراسة المشكلة كمشكلة عامة يعاني منها المجتمع الى  حصرها بالشخص فتهون بذلك عملية حلّها. لأننا نجهل دروب الخلاص الحقيقية ونخاف ولوج المسالك الصعبة اخترنا اللجوء الى الثأر من الأشخاص.  

لن ندخل كثيرا في التفاصيل ولكن يجب ذكر بعض الشواهد: 

بعد استشهاد الزعيم استبدلنا فكرة النهوض بالشعب وتفعيل تأثير استشهاد الزعيم باتجاه بث نهضة سورية قومية اجتماعية وهللنا للثأر والانتقام ولم نعرف نعالج أزمة ما بعد الاستشهاد.  

خسرنا في أحداث العام 1958وبدلا من ان ندرس أسباب الخسارة وعلاجها لجأنا الى الانتقام والثأر ونفذ الحزب الانقلاب العسكري الذي فشل قبل ان يبدأ مع العلم ان الزعيم لا يجيز فكرة الانقلاب التي هي وجه من وجوه الثأر. 

اليوم وجمع من القوميين يهلل لانتخابات المجلس الاعلى ويُبشر بمرحلة جديدة ويُخبّر أن غدا يوم آخر نقول لهذا الجمع: إن اليوم الجديد الذي تبشروننا به ليس إلا يوما من رحم الايام الماضية. إنه من كل تفاصيلها الفاسدة والسيئة. وهو من رحم ما ارتكبه أصحابها من أخطاء بحق الحزب والبلاد. إنه من رحم من باعوا الحزب بثلاثين من فضة وخبّصوا في حركة الحزب ومن دافعوا حتى الرمق الاخير عن سلوك الايام الماضية. وهو من رحم الذين ساعدوا على لبط كل المثقفين الحقيقيين ليبقى رئيسهم السابق المثقف الوحيد والسياسي الوحيد والمسؤول الوحيد. 

ليت الذي يبشرّنا بيوم مشرق جديد يطلعنا على  بيان النهوض المُذاع ويحدثنا عن الانجازات التي أنجزها هؤلاء العمالقة وهم في السلطة منذ أكثر من عشر سنوات وبعضهم أكثر من عشرين عام. لم نقرأ لهؤلاء العباقرة كلمة واحدة تخبرنا أنهم ذاهبون الى يوم جديد مختلف. 

يقول سعادة: الغاية الشريفة تتطلب وسيلة شريفة. ليتهم يشرحون لنا وسائلهم الشريفة أو أنهم نهجوا نهج من كانوا في حضنهم ومارسوا مقولة الغاية تبرر الوسيلة  مع العلم انهم حتى الغاية لم يتحدثوا عنها. 

هم مارسوا لعبة الثأر الغامضة النتائج ولكن لن يطول زمن وضوح النتائج  فالآتي أقرب من قريب  وقد يشهد ما لم يكن بحسبان الجميع. نحن ننتظر يوما آخر وننتظر بشارة جديدة ونسعى الى ذلك منذ عرفنا الزعيم سعادة والعقيدة السورية القومية الاجتماعية. 

0
0

0 Comment

شحادي الغاوي 1 أكتوبر، 2020 - 6:41 ص

خسرنا في أحداث العام 1958وبدلا من ان ندرس أسباب الخسارة وعلاجها لجأنا الى الانتقام والثأر ونفذ الحزب الانقلاب العسكري الذي فشل قبل ان يبدأ مع العلم ان الزعيم لا يجيز فكرة الانقلاب التي هي وجه من وجوه الثأر. 
عندي تعليقين على هذا القول:
الأول: لا أدري إذا كان إنقلاب 1961-1962 كان انتقاماً وثأراً من نتائج أحداث 1958.
الثاني: على ماذا استند الكاتب ليستنتج أن سعاده لا يجيز فكرة الإنقلاب ؟؟

Post Comment