والنهج المقصود هنا هو نهج الصراع على السلطة حتى النهاية أو حتى تأتي قوة خارجية توقفه وفق ما تراه مناسباً. ولهذا النهج دوافع واستهداف وآليات ومسار. استهداف النهج الأساس هو الوصول إلى السلطة بأي ثمن، دافعه هو النزعة الفردية، آلياته البطش والخنوع، ومساره التزاحم والتنافس والتدافع أمام الأضواء. وفي موازاة كل هذا الإرادات الخارجية، أجنبية كانت أم محلية، التي تنتظر شرخاً في درع الحزب لتنفذ منه. والشرخ الأخطر في حياتنا القومية هو النزعة الفردية.
لنركز على البطش والخنوع.
هذا المسار يتكرر منذ غياب الزعيم وحلول الواقع اللبناني إلى اليوم.
النهج لا يعبأ بالغاية التي من أجلها تأسس الحزب، ولا بنظرته السامية إلى الحياة. إنه يحولهما إلى مادة للتندر ويجعل من المتمسكين بهما مضحكة. إنه لا يرى في نقدٍ فائدة، بل محاولة للي الذراع؛ إنه لا يناقش الأفكار، بل يسخّفها؛ لا ينتقد خطة عمل بغية تحسينها، إنه يزرع الشكوك حول صاحبها. هذا في بدء المسار. فإن توقّف المستهدَف عن “سخافته” كان خيرا وإن استمر يصار إلى التصعيد: إشاعة من هنا، خبرية من هناك، تزويرٌ من هنا، إهمالٌ من هناك، إلى أن يشعر المستهدف المواجه أن الأبواب قد سدّت فيخرج.
أما إذا صمد في وجه كل هذا، أو إذا جاء من خارج الفساد فاستقطب نظيفي الفكر والقول والعمل، فإن له أسلوبا آخرَ كافيا لإخراس صوته إلى الأبد.
كلمة عن الخانعين.
من أساليب الاستبداد في الترغيب والترهيب، الإيحاء. المستبد لا يفصح عما يريده إلا فيما ندر. هو غالبا، يهمس، يلمّح، يوحي، والخانع يلتقط الإشارات والإيحاءات والتلميحات، فينفذ دونما سؤال. أما أن الحزب السوري القومي الاجتماعي هو حزب دستوري وأن جميع قرارات الزعيم كانت خطية ومسندة إلى مواد دستورية، فهذا ما لا يعبأ به المستبد والخانع على السواء.
هذا النهج يرسّخ أقدامه فيما تبقى من حزب سعاده اليوم. إنه في مرحلة التراشق العلني بالوحول والتسابق على استقطاب الإمكانيات، النظيفة منها لكي يتلطى بها، والبلطجيون السابقون لك يبلطج بهم، والخانعون، لكي ينفذوا دونما سؤال.
هذا النهج لا علاقة له بسعاده ولا بحزبه. هذا النهج سوف يأكل بعضه بعضا.