رأي الفينيق
استُقيلَ حنا الناشف. ولايته المجتزأة أصبحت في حكم التاريخ وليس لنا من حاجة الآن للدخول في الدوافع والأسباب.
ما بودنا الإضاءة عليه في هذا المقال هو ناحية دستورية أغفلها الرئيس المُقال، أو لعله تجاهلها عمدًا من باب حسن النية أو طلب السلامة والسلام في مؤسسة لا تعرف أي منهما. هذه الناحية هي صلاحياته الدستورية كرئيس للحزب.
قبل التفصيل بودنا الإشارة الى ما يبدو تناقضًا فاضحًا بين مادتين دستوريتين في الدستور الذي اعتمد في رسالة قبول استقالة الرئيس الناشف من قبل المجلس الأعلى ألا وهو الدستور المعدل لسنة 2001. فالبند رقم 5 من المادة السابعة عشرة من القانون عدد 9 لسنة 2001، والمتعلقة بصلاحيات المجلس الأعلى، تنص كما يلي: “الموافقة على تعيين نائب الرئيس، والعمد، بناءً على اقتراح رئيس الحزب طبقًا لأحكام المادة الأولى من القانون عدد 1 لسنة 2001.”
ولكن البند رقم 4 من المادة العاشرة من القانون عدد 10 لسنة 2001، والمتعلقة بصلاحيات رئيس الحزب، ينص كما يلي: “تعيين ناموس وأعضاء مجلس العمد، وقبول استقالتهم وإقالتهم وإعفائهم.
ليس هناك في صلاحيات الرئيس كلمة “يقترح” بحيث “يوافق” المجلس الأعلى على الاقتراح. والتعيين، حسب ما أفادنا به أحد القانونيين الذي استشارتهم الفينيق هو “أمر ناجز يتناقض مع الاقتراح. إنه أمر مبرم بحد ذاته وغير قابل للمراجعة والتصديق.”
نأتي الآن الى إغفال الرئيس السابق لهذه الناحية. في الأساس، وحتى إذا وضعنا جانبا التناقض المشار إليه، وحتى إذا كان الرئيس ملزمًا بتقديم “اقتراح” بأسماء مجلس العمد، فإن المجلس الأعلى لا يستطيع “عدم الموافقة” عشوائيا. إن السلطتين التشريعية والتنفيذية في الحزب سلطتان مستقلتان الواحدة عن الأخرى وليس لواحدة منهما أن تطغى على الثانية. حتى إقالة الرئيس لا تتم عشوائيا بل يجب ان تكون مبنية على معطيات من الأهمية بمكان بحيث تتم مناقشتها والتأكد من ماهيتها قبل اتخاذ قرار خطير بحجم إقالة رئيس أو فرض استقالته عليه.
بالتالي، على رئيس الحزب أن بقوم بواجبه، فيدرس ملفات الرفقاء الذين سيختارهم للتأكد من استيفائهم لأحكام المادة الأولى من القانون عدد 1 لسنة 2001، وعلى المجلس الأعلى مراجعة هذه الملفات، والموافقة عليها، إلا في حال بروز أمر فات رئيس الحزب، ومن الخطورة بمكان، بحيث يرفضه المجلس الأعلى ويطلب من الرئيس اقتراح اسم آخر.
إن شيئا من هذا لم يحدث. ما حدث كان تخلٍ من الرئيس الناشف عن صلاحياته لناحية تقديم لائحة أسماء العمد رسميا إلى المجلس الأعلى كي يوافق عليها رسميا، أو، في حال رفضها كلها أو بعضها، أن يتقدم بالأسباب المعللة، رسميا أيضا. لا الرئيس تقدم رسميا، ولا المجلس رفض رسميا. ما حدث هو أن الرئيس “فاوض” المجلس الأعلى، الأغلب بشخص رئيسه، على العمد. فكان الاقتراح شفهيا، وكان الرفض شفهيا، استنسابيا، وفي هذا طعن للمسار الدستوري برمته.
لقد فاوض الرئيس الناشف على صلاحياته فخسر. وهذا مصير أي رئيس يفاوض على صلاحياته.
لن يفيد هذا الكلام الزمرة المتحكمة بمركز الروشة. فهي قد أصبحت خارج مدار النصح. إنه كلام للمستقبل فقط.